لا أحد يمكنه أن ينكر بأن الأستاذ أحمد عصيد هو رجل فكر وفلسفة. وأنه مثقف بمستوى من التمكن الجامعي العالي.
لكن ما يميزه أكثر، هو كونه من المثقفين المغاربة الذين يخوضون غمار نضال حقيقي على المستوى الفكري والثقافي والحقوقي بنفس جديد. له بعد عميق يجعله نضالا من أجل أن يصبح الإنسان هو محور القيم في حياتنا وفي مجتمعنا.
إنه نضال ضد كل ما هو لاعقلاني ومخالف لمباديء المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية في فكرنا وثقافتنا وسلوكنا الإجتماعي.
ولذلك فإن هذا النوع من النضال يواجه بشراسة أحيانا، وقد يعاني أصحابه الأمرين.
وكمثال على ذلك ما تعرض له الأستاذ أحمد عصيد ولا زال.
حيث نصبت له الأفخاخ. ونظمت ضده الحملات والتهجمات قصد توريطه والمساس به. بل تم التحريض ضده في منابر المساجد وفي وسائل التواصل الإجتماعي. مما جعله معرضا لكل انواع الأذى وحتي القتل.
التهجمات التي تعرض لها المثقف الحقوقي أحمد عصيد لم تكن من المخزن فقط. بل كذلك من جهات أخرى معادية للعقلانية والعلمانية والمساواة. وخاصة من الوهابيين والشعبويين والقومجيين.
ولذلك يبدو أنه من واجب كل الديموقراطيين ومناضلين اليسار ان ينتبهوا إلى أهمية الدور الإيجابي الذي يقوم به أمثال الأستاذ أحمد عصيد على الواجهة الفكرية. وأهمية النضال الثقافي على مستوى منظومة القيم في واقعنا الحالي .
بل إن الأستاذ أحمد عصيد وأمثاله من خلال تأثيرهم في فئات واسعة من الشباب، خاصة الشباب المرتبط بالدفاع عن قضايا الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية ، فإنهم يساهمون في إشاعة التنوير والثقافة الحقوقية والديموقراطية. ويساهمون في تطور موقف ديموقراطي غير شوفيني في قضايا اللغة والثقافة عموما، وفي قضايا اللغة والثقافة الأمازيغيتين على الخصوص. مما يساعد على بلورة رأي عام ديموقراطي تقدمي وحقوقي وسط النخبة بمختلف مكوناتها. وفي المجتمع عموما. وبالتالي تلافي الشروخ والتشرذم الذي يهدد مجتمعنا في عدة المجالات.
لننادي بالقول بأنه ما أحوجنا إلى مثقفين مناضلين على الجبهة الفكرية والثقافية، مدافعين بقوة وبدون تردد، وبمنطق مقنع وسليم، على مباديء العقلانية والعلمانية والمساواة والديموقراطية وحقوق الإنسان. مما سيساعد أكثر، على تخلص فكرنا الحديث والمعاصر من المفاهيم الشوفينية والوهابية والشعبوية والقومجية والعنصرية وغيرها من النظرات الضيقة والمنغلقة.
فتحية لهذا النوع من النضال الفكري والثقافي، وبهذه الفصيلة من المثقفين، الذين يعانون في صمت، ولكنهم صامدون في نضالهم على الواجهات الفكرية والثقافية والحقوقية رغم ما يتعرضون له من مخاطر ومضايقات.
محامي بهيئة الدار البيضاء ومعتقل سياسي سابق
المقال السابق
المقال التالي