رهان جميع مكونات المجتمع المغربي اليوم يكمن في تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، والحوار الاجتماعي هو أحد أسس توطيد الثقة ورفع هذا الرهان، سواء من حيث تحفيز المبادرة في مجال الاستثمار، أو من حيث إحداث فرص للشغل أو الحفاظ عليها.
والشركات الوطنية والأجنبية ملزمة بالحرص على التفاعل والتجاوب السريع مع هذه الإرادة المجتمعية، وتفادي كل ما من شأنه أن يعكر الأجواء ويدفع في اتجاهات غير محسوبة العواقب.
وما يقع بشركة “خيل كوميس” من طرد تعسفي وتضييق على الحريات النقابية، كما أوردته المنظمة الديمقراطية للشغل، لا يدخل إلا في باب نزاعات الشغل المطبوعة في الغالب بالتصعيد المجاني، الذي يؤجج التوتر في العلاقات الشغلية، ويقوي شروط الميل إلى المزيد من تشريد الأسر والإلقاء بها في بحر المشاكل المادية والاجتماعية، ومن ثمة إلى المزيد من الاحتجاج وزعزعة الاستقرار.
فهل من الحكمة أن تبتعد “الباطرونا” عن سبل إيجاد الحلول وتقديم البدائل، لتساهم في المزيد من إغراق الفئات والمناطق في الهشاشة والفقر؟
وهل من التعقل أن تحيد “الباطرونا” عن خيار السلم والأمن، وتدفع في اتجاه تأجيج الأوضاع والرفع من وتيرة الاحتجاج؟
وإذا كان الأمر كذلك، أليس من واجب السلطات العمل على حفظ التوازن بين مصلحة الوطن في الاستقرار عبر ضمان الحقوق والحريات للعاملات، وبين مصلحة “الباطرونا” في الأرباح والاستثمار وخلق فرص الشغل؟
إن عدم استحضار نوع من النضج في التعاطي مع مثل هذه النزاعات المفتعلة في مجال الشغل، والابتعاد عن صوت الحكمة والعقل بالبحث عن حلول غيرمناسبة على حساب العاملات، يجعل من نزاع شركة “خيل كوميس” قنبلة موقوتة داخل إقليم العرائش، الذي لا يحظى بنصيبه المستحق من مخططات التنمية بجهة طنجة تطوان الحسيمة.