[حوار].. شربل نحاس يتحدث عن انتفاضة لبنان، الأزمة الاقتصادية وعلاقة “الثوار” مع حزب الله.
في هذا الحوار يتحدث شربل نحاس الاقتصادي والوزير اللبناني السابق عن “مبادرة مواطنون ومواطنات في دولة” الداعمة لانتفاضة الشعب اللبناني، وأيضا عن استمرار الاحتجاج ورهاناته، كما يتحدث شربل في هذا الحوار مع µ عن الأزمة الاقتصادية والحراك ضد الأبناك اللبنانية، وكذلك عن رسم العلاقة مع حزب الله ومرجعيته الدينية – الشيعية وكذلك العلاقة مع باقي التيارات السياسية اللبنانية.
حاوره محمد سموني
- هل الحراك اللبناني مازال مستمرا على طول البلد أم مازال فقط داخل بيروت؟
ما زالت التظاهرات مستمرة في مختلف المناطق اللبنانية وإن بوتيرة متفاوتة، بين منطقة وأخرى، وبين فترة وأخرى. مع اشتداد وقع الأزمة المالية الحادة التي يمر بها لبنان، من المتوقع أن تتصاعد وتيرة هذه التظاهرات وأن تأخذ منحىً أكثر جذرية وأن تستهدف بحدة أكثر مواقع لها علاقة مباشرة بالأزمة المالية وبمُسببيها كالمصارف، والمصرف المركزي، المؤسسات الحكومية التي اشتهرت بمستويات عالية من الفساد المالي والسياسي.
واجهت هذه التظاهرات أشكالاً متعددة من القمع من القوى الأمنية الرسمية ومن مناصري قوى السلطة، على امتداد البلد، وتصاعدت وتيرة هذا القمع مؤخراً بشكل لافت، حيث وصل عدد الجرحى إلى عدة مئات في الأيام الأخيرة.
- بدأ الحراك يهاجم أيضا ما يسميه “سلطة المصرف”، هل تعتقدون أن تواصل الأزمة الاقتصادية يخدم حركة الاحتجاج أم يضرها؟
مع تصاعد الأزمات المعيشية حدة، نشعر بقلق كبير من أن تجنح الأمور نحو أعمال عنف منظمة تأخذ أبعاداً طائفية، ما يشكل خطراً إضافياً على المجتمع.
- قدمتم أرضية رؤية مواطنون ومواطنات في دولة المرحلة الانتقالية، هل هناك أي تجاوب من قبل مختلف الأطياف والتيارات السياسية مع مبادرتكم ؟
نلاحظ أن وتيرة التجاوب مع طرحنا، من مختلف القوى والتيارات السياسية من خارج قوى السلطة، تتصاعد مع تصاعد حدة نتائج الأزمة المالية. ولكن لا بد أن نؤكد أننا في سباق محموم بين الانهيار الكامل والفوضى، وبين نافذة تضيق مع الوقت، للإنقاذ.
- كيف ترسمون علاقتكم مع حزب الله خصوصا أنه يعتبر رمزا للمقاومة ضد الكيان الصهيوني الذي تعتبرون أنه لا يجب المساومة في مناهضتها؟
نحن نعتبر أن الكفاءة القتالية العالية التي راكمها لبنانيون ولبنانيات في المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، وأبرز عناوين هذه المقاومة هو “حزب الله”، تشكل رصيدا كبيرا للبنان ولا يجوز التفريط بها ولا المساومة عليها، والنقاش فيها يجب أن يتمحور منذ اليوم الأول حول انتقالها، مع الحفاظ على فعاليتها، من مقاومة “طائفة” إلى منظومة وطنية، عسكرية طبعاً، ولكن أيضاً اجتماعية واقتصادية، تتوزع أعباءها على الجميع كما يعود نفعها على الجميع.
نعرف كلّنا أوضاع بعضنا البعض، نحن جميعا أولاد هذا البلد، نعرف مسؤوليتنا ونتحملها، نقبل بإدارة الإرث اللعين، نريد الانتقال السلمي، أي التفاوض، إنما على شروط هذا الانتقال، نحدد خياراتنا الأساسية ونبنيها على الحاجات الواقعية التي لا تلتبس حيالها الأسباب والنتائج، وإن لم تكن مطابقة للصور المألوفة لنظام السلطة منذ عقود، ولكن مسؤولية كل واحد منهم كبيرة جدا اليوم، وهي تظهر بسرعة مع سقوط مواقف الإنكار. السباق اليوم هو بين تيقنهم لهذه المسؤولية وبين تدهور الوقائع المالية والاجتماعية والأمنية.
ولكون حزب الله هو القوة الأكبر اليوم، ولكونه مستهدفا، نقول إننا نختلف مع حزب الله، بما هو حزب فاعل مشارك في السلطة، اختلافاً جذرياً في المقاربة السياسية الداخلية، ونرى أنه اليوم، إذ يتصدى بكل رصيده، وهو كبير، لحماية النظام السياسي المتهاوي، إنما يواجه ويمنع فرصة إنقاذ جدية للمجتمع. فهو الأقوى بين حلفائه، منه يستمدون قوتهم الانتخابية والسياسية، وإن كان صوتهم أعلى من صوته، و نختلف جذرياً مع هؤلاء الحلفاء كحركة أمل والتيار الوطني الحر. كما نختلف جذرياً أيضاً مع القوى التي تحاول مصادرة الشارع بعد أن قفزت من الحكومة بالاستقالة، ولكنها ما زالت في صلب السلطة السياسية من خلال موقعها الطائفي كالقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل.
- لكن ألا ترى أن الحراك الاجتماعي هو صرخة أيضا ضد التيوقراطية الدينية التي يمثلها نوعا ما حزب الله في النسق السياسي الذي خرجت الثورة ضده ؟
الانتفاضة الشعبية خرجت لتعبر عن إدراكها أن السلطة السياسية، المكونة من إئتلاف زعماء الطوائف من قادة ميليشيات الحرب الأهلية و أصحاب المليارات المشبوهة، سقطت بفعل توقف سيل الدولارات الخارجية التي كانت تغذي هذا النظام.
لا يوجد في لبنان حكم تيوقراطي، هناك سلطات طائفية بالمعنى الاجتماعي وليس بالمعنى الديني. وحزب الله، مع أنه حزب ديني، إلا أنه جزء من هذا النظام الطائفي العام، ولا يمارس سلطة دينية إلا على مُحازِبيه.
- كيف ترون تسمية حسن دياب رئيسا للوزراء؟ وماهي الطموحات أو الرهانات التي يجب أن تتخذها الحكومة الجديدة؟
هذه الحكومة الجديدة لا يمكن لها أن تتصدى لأي من التحديات المطروحة واقعياً عليها، لسبب بسيط أنها استمرار للنظام السياسي القديم، وفي أواخر تجلياته على الأرجح، وإن بأوجه مقنعة. منطق وخطاب هذه الحكومة، قبل وبعد تشكيلها، هو أن المشكلة هي أن الناس في الشارع، في حين أن الناس في الشارع لأن البلد أفلس، وهذا الإفلاس سوف يحكم المشهد السياسي في لبنان للسنوات القادمة. أصدرنا بياناً عقب إعلان ولادة هذه الحكومة وصفنا فيه تشكيلها بـ”اللاحدث”.