صحافة البحث

ذاكرة إعلامية.. فهد سليمان: اتفاقيات أوسلو قسمت الموضوع الفلسطيني إلى مرحلتين.

- الإعلانات -

ذاكرة إعلامية هي نافذة سيطل من خلالها قراء موقع “µ” على أعمال صحفية ذات قيمة فكرية، أدبية، فنية و سياسية سبق للصحفي المصطفى روض أن أنجزها و نشرها في مجلتي الحرية و الفكر الديمقراطي الفلسطينيتين و منابر أخرى بالمشرق وصحيفة أنوال بالمغرب. و ستكون البداية مع الحوارات في محور السينما ستتلوه محاور الشعر، المسرح، النقد الأدبي و السياسة و الفكر.  

الجبهة كانت سباقة إلى طرح حلول متوازنة تقوم على الحل الوسط

في جلسة حوار مع الرفيق فهد سليمان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين و نائب أمينها العام نايف حواتمة، طرحنا عليه الأسئلة الشائكة التي تستأثر باهتمام مختلف مكونات الرأي العام الفلسطيني و المناضلين في الساحة الفلسطينية. و كانت الغاية من هذا الحوار هي تقريب وجهة نظر الجبهة الديمقراطية إلى الرأي العام المغربي خصوصا في موضوعات الاتفاقات الإسرائيلية الفلسطينية و المفاوضات و التحالفات و عوامل التشرذم في صفوف اليسار الفلسطيني… إلى ما هنالك من موضوعات سيتحدث عنها الرفيق سليمان في هذا الحوار الذي نشر بجريدة المنظمة صيف عام  2000: 

  • نباشر حوارنا بموضوعة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. نعرف أن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لها موقف محدد من المسار الذي آلت إليه هذه المفاوضات، و لكن، في نفس الوقت، هذا الموقف صار ملتبسا لدى بعض المراقبين، الالتباس، في اعتقادي، ناجم عن رفض الجبهة الديمقراطية لهذه المفاوضات و القبول بالمشاركة فيها، مما نتج عنه غضب مجموعة من الفصائل الفلسطينية المقيمة في دمشق على الجبهة الديمقراطية و التحريض على مقاطعتها و عزلها. بماذا تفسر و كيف تدققون في ضوئه الموقف الحقيقي للجبهة الديمقراطية من مسار المفاوضات و التسوية و عملية السلام بكل ما ترتبط به من خطوات إجرائية و اتفاقات؟

فهد سليمان: الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كانت سباقة إلى طرح و تصور حلول متوازنة تقوم على قاعدة الحل الوسط بين الشعب الفلسطيني و الحركة الوطنية الفلسطينية من جهة و بين إسرائيل من جهة أخرى. منذ عام 1974 دعت الجبهة الديمقراطية إلى إقامة دولة فلسطينية و ذات سيادة بجانب إسرائيل. كانت هذه النتيجة منطقية للبرنامج المرحلي الذي أطلقته الجبهة الديمقراطية منذ منتصف عام 1973.

و هدف هذا البرنامج يقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان عام 1967 في الضفة الغربية و غزة و القدس الشرقية، فضلا عن حل مسألة اللاجئين على قاعدة القرار الأممي رقم 194.  

الجبهة لم تتخذ موقفا مبدئيا ضد المفاوضات

بهذا  المعنى، الجبهة الديمقراطية لم تتخذ موقفا مبدئيا ضد المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، فمن المنظور السياسي للجبهة الديمقراطية أن قيام هذه المفاوضات، أمر طبيعي و تطور و منطقي لعملية نضالية لا بد أن تصل إلى نقطة معينة تدار حولها مفاوضات بين الطرفين المتصارعين تضمن نتيجتها انجاز الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.

معارضتنا للمفاوضات التي جرت تنطلق من الأسس التي قامت عليها هذه المفاوضات، و كما تعلمون، النتيجة التي تصل إليها أية مفاوضات ليست محكومة ببراعة الأداء التفاوضي بقدر ما هي محكومة، أولا و أساسا، بالشروط التي تقوم عليها..

لقد اعترضنا على اتفاقيات أوسلو لأنها قسمت الموضوع الفلسطيني إلى مرحلتين: مرحلة لا تستند إلى أسس القرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، و نقصد بها القرارات 242 و 338 و 194؛ و مرحلة وضع دائم لا تفاوض بالموضوع الفلسطيني برمته، و إنما تقسمه إلى عناوين تعطي – عمليا – الجوانب الجوهرية من القضية الوطنية الفلسطينية، لكنها مفاوضات على أساس من البحث على آليات الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

إذن، المعارضة التي قامت بها الجبهة الديمقراطية، و أعتقد أنها معارضة على أسس سياسية وقائية، إنما استهدفت بالأساس إرساء المفاوضات على قواعد قرارات الشرعية الدولية و القانون الدولي، بحيث أن المفوضات من هدا النمط، هي الوحيدة التي تضمن نتائج تهم انجاز الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.

و الآن بعد مضي سبع سنوات على اتفاق أوسلو، نرى بان المرحلة الانتقالية التي كان من المفترض أن تنجز خلال ثلاثة أعوام، ما زالت موضوع تفاوض و لم تنجز بعد، و نرى أن السقف المحدد لمفاوضات الوضع الدائم التي كان ينبغي أن تنتهي، أيضا، خلال ثلاثة أعوام لم يتم الالتزام به. و المفاوضات الأخيرة للتو بدئ بها و ليس مؤكدا، بل على العكس، نحن على ثقة بأن السقوف الزمنية التي حددت لها لم تكن هناك إمكانية للالتزام بها. طبعا، هذا شيء له علاقة بتعنت الطرف الإسرائيلي و هو يتصل بالآليات و الإطار و الأساس التي انحكمت له المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية و الاتفاقات التي جرت بين الطرفين.

بطبيعة الحال، سياسة من هدا القبيل تبرز مساحات تعارض بين اتجاهين في إطار الحركة الوطنية الفلسطينية، تبرز تعارض مع الاتجاه الذي انحرف في المفاوضات في إطار اتفاق أوسلو و هو الجانب الذي يتولى الآن المسؤولية السياسية للسلطة؛ و تبرز تعارض مع الأطراف التي تتبع سياسة غير واقعية، متطرفة و غير عقلانية التي لا تحتكم إلى قرارات الشرعية الدولية كأساس للمفاوضات و تمثل امتدادا لسياسة رفضوية فلسطينية ليست ذات تأثير حقيقي.. و تستخف بمجرى الحركة الوطنية الفلسطينية و إن كانت غير قادرة على أن تعبر عن هذا الموقف بأساليب و طرق إعلامية.

الوحدة الوطنية الفلسطينية لا ينبغي التفريط فيها

المشكلة التي نتجت بين الجبهة الديمقراطية و هذه الاتجاهات المعارضة غير الواقعية، لا علاقة لها بحادثة وقعت بعينها، بقدر ما لها علاقة بالتوجه القائم على لدى هذه القوى باستغلال فعاليات معينة من المعارضة الفلسطينية لتحويلها إلى منصة ترمي إلى إيجاد أطر انشقاقية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية. و الجبهة الديمقراطية تعتبر أن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي قاعدة أساسية لا ينبغي التفريط فيها طالما نحن شعب منخرط في مرحلة النضال الوطني التحرري، هذا الأمر يستلزم، بطبيعة الحال، توحيد كل الطبقات الشعبية الوطنية في مواجهة الاحتلال و الاستيطان. هذه القوى سعت – و ما زالت تسعى – لكي تنشئ منظمة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، إذن، هي تتبع سياسة انشقاقية، و لذلك تصدت لها الجبهة الديمقراطية و سوف تبقى متصدية لها.

الآن، بعد أن دخلت المفاوضات في مرحلة الوضع الدائم، لا يمكن لأي طرف فلسطيني أن يدير ظهره لها؛ لأن هذه المفاوضات تتناول القضايا الجوهرية التي تشكل محور الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي و المتمثلة في قضايا الكيان و المستوطنات و اللاجئين و القدس…

و في نفس الوقت، لا يجب السماح لأية قوة سياسية أن تنفرد بإدارة هده المفاوضات، فلا الانفراد بالمفاوضات مسموح به و لا إدارة الظهر لها مسموح به كذلك. من هنا تقدمت الجبهة الديمقراطية بأكثر من مبادرة سياسية طالبت فيها بإجراء حوار وطني فلسطيني شامل يؤدي إلى صياغة برنامج عمل مشترك يحدد الخطوط الحمراء و الحد الأدنى الذي لا يجب التنازل عنه في قضايا مفاوضات الوضع النهائي: (الدولة الفلسطينية، المستوطنات، القدس، اللاجئون.. الخ) على أساس أن يتم الالتزام بهذا البرنامج  في إدارة مفاوضات الوضع الدائم. هذا من جهة، و من جهة أخرى، استحداث مرجعية وطنية فلسطينية هي التي تشرف على مفاوضات الوضع الدائم و بالتالي تشرف على عمل الوفود المفاوضة. هذا الموضوع بالذات، كان موضع نقاش موسع بيننا و بين الأخوة في حركة فتح خلال اللقاء الذي عقد السنة الماضية في القاهرة في شهر غشت 1999 حيث شارك فيه وفد الجبهة الديمقراطية على رأسه أمينها العام الرفيق نايف حواتمة و بمشاركة الأخ ياسر عرفات على رأس وفد قيادة حركة فتح. 

وما اتفقنا عليه في هذا اللقاء يشكل خطوة إيجابية متقدمة في مضمار توفير الأساس السياسي لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، لكن لسوء الحظ، هذه الخطوة الإيجابية، لم تستكمل بخطوات إضافية تراكم الانجازات التي يمكن أن يبنى عليها هذا الصف الوطني الفلسطيني.

  •  دائما على مستوى موضوعة المفاوضات، نعرف أن الجبهة الديمقراطية هي التي أنجزت مشروع البرنامج السياسي المرحلي و الذي تبنته فيما بعد حركة فتح و باقي الفصائل الفلسطينية و اعتمدته منظمة التحرير الفلسطينية كأساس لحل القضية الفلسطينية. و بالإضافة إلى ذلك، كانت الجبهة الديمقراطية ترى من شروط انجاز البرنامج المرحلي أن تتم المفاوضات مع إسرائيل في ظل مؤتمر دولي كامل الصلاحيات. و لكن بعد انهيار المعسكر الاشتراكي و اندلاع حرب الخليج و انعقاد مؤتمر مدريد، وجدنا أن مفاوضات عملية السلام اندرجت في ظل الرعاية الأمريكية – الروسية، لتصبح في نهاية المطاف فقط رعاية أمريكية. هل تعتقدون أن ما يجري حاليا في عملية السلام  الجارية يتطابق أم يتناقض مع البرنامج المرحلي الذي انفردت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بانجازه؟

فهد سليمان:   نحن لا نعتقد  أن المفاوضات الجارية الآن في عملية أوسلو يمكن أن تفضي إلى أنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية متمثلة بدولة فلسطينية ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية  بعدوان 1967، أي الضفة الغربية و قطاع غزة  و القدس الشرقية و اعتماد قرار القرار الأممي لحل قضية اللاجئين.

الانجازات الحالية لا تبشر بقرب انسحاب إسرائيل

طبعا، هناك العديد من المراقبين يتوقفون، الآن، أمام المنجزات المحققة من خلال اتفاقيات أوسلو و بالذات تلك التي لها علاقة بإعادة الانتشار من أجزاء في المنطقة الفلسطينية المحتلة و إقامة مؤسسات و مرافق فلسطينية و غيرها.

و في تقديرنا، حتى هذه الانجازات لا تبشر بقرب انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة الذي ما زال موجودا فوق 36 بالمائة من مساحة قطاع غزة فيما السلطة الأمنية و المدنية لا تتجاوز رقعتها 18 بالمائة من مساحة الضفة الغربية. انجاز الحقوق الوطنية لا يمكن أن نبلغه إلا من خلال إعادة النظر في الإستراتيجية النضالية و التفاوضية التي تتمسك بها القيادة الحالية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

إذن، من أجل بلوغ أهداف البرنامج الوطني الفلسطيني، ينبغي إعادة النظر في هذه الإستراتيجية، و حتى نتمكن من إعادة النظر فيها ينبغي أن نثبت النقاط التالية:

– وحدة وطنية فلسطينية نتوصل إليها من خلال الحوار الوطني الشامل.

– مفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية: 224 و 338 و 194.

-التعويض عن الخلل الكبير القائم في نسبة القوى بين الحركة الوطنية الفلسطينية و الاحتلال الإسرائيلي من خلال تفعيل الحوار الذاتي الفلسطيني و تفعيل الدور الذاتي الفلسطيني.

و هذا ممكن أن يحصل من خلال الوحدة الوطنية الفلسطينية و الحركة الجماهيرية الجماهيرية الديمقراطية الواسعة الضاغطة على الاحتلال الإسرائيلي. هذا ما نسميه بالإستراتيجية التفاوضية الجديدة و الإستراتيجية النضالية الجديدة.

في هذا الإطار، و على أساس هذه القاعدة، اقترحنا – و زلنا – أن تبادر القيادة الفلسطينية إلى إعلان بسط السيادة الفلسطينية فوق كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967، و كان اقتراحنا أن يتم الإعلان عن ذلك في 4 ماي عام 1999، لماذا؟ لأن هذا هو التاريخ  الذي يعتبر نهاية لاتفاقية أوسلو؟

هذا الأمر لم يقع عمليا عندما وقعت السلطة الفلسطينية على اتفاقية شرم الشيخ في 4 دجنبر من نفس العام، بحيث بهذا الاتفاق وقعت على التمديد لاتفاقية أوسلو و للمرحلة الانتقالية، لذلك نحن اقترحنا أن نعلن سيادة دولة فلسطين على أراضينا و أن ننظم أوضاعنا الفلسطينية  و علاقتنا العربية و الدولية باعتبارنا دولة قد أعلنت سيادتها، و ثمة دولة أخرى هي إسرائيل تمنعنا من ممارسة هذه السيادة، عندئد سنجري المفاوضات بين دولتنا الفلسطينية و الدولة الإسرائيلية المحتلة على أساس انجاز العناصر السيادية التي ما زلنا نفتقد إليها و بالتالي حل كل القضايا المتعلقة بالحقوق الوطنية الفلسطينية.

الولايات المتحدة تهيمن على مسار المفاوضات

بطبيعة الحال، حصلت تطورات كثيرة خلال السنوات الماضية ليس أقلها انهيار المعسكر الاشتراكي و تفكك الاتحاد السوفيتي، الأمر الذي جعل من الرعاية الثنائية لمؤتمر مدريد، رعاية أحادية القطب، بحيث أن الولايات المتحدة هي التي تهيمن على مسار المفاوضات إذ لا توجد مرجعية أخرى للرعاية سوى مرجعية أمريكا.

هذه الأمور مدركة و مستوعبة، لكن – كما ذكرت – هناك إمكانية لبلورة إستراتيجية عمل و تفاوض فلسطينية، تصحح هذا الخلل الذي وقع.. و الفرصة لم تمت بعد لإعادة النظر في هذا النهج من أجل إرسائه على قاعدة سليمة.

  •   إذا كان من الضروري إيقاف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية على رجليها بدل أن تبقى سائرة على رأسها و إعطائها مضمونا قويا من خلال تقوية جسم الفصائل الفلسطينية على أساس قيام الوحدة الفلسطينية لتدعيم مشروع التحرر الوطني الفلسطيني، فإن الإشكالية في عدم انجاز هذه الوحدة ناتجة بالأساس عن التشرذم و الانشقاق الذي يدب في جسم هذه الفصائل الفلسطينية؛ وإذا كنتم كجبهة ديمقراطية قد مارستم مند التأسيس، سياسية واقعية وحدوية، و كنتم تغلبون التناقض الرئيسي على التناقض الثانوي مراعاة لمصلحة شعبكم، فقد تشكلت لديكم خلاصة كبيرة حول فشل انجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية من جهة، و بارتباط معها حول جسم الفصائل الفلسطينية المقيمة بدمشق و المتسم بالتنافر و التشرذم و بتباين و بتعارض تياراتها الإيديولوجية و السياسية من ماركسية إلى التيار القومي المغامر إلى التيار اليساري المتطرف إلى التيار الأصولي، كيف تفسرون عوامل تشرذم هذه الفصائل التي توحدها علاقات هلامية و كيف تتصورون – في ذات الوقت – معالجة وضعية هذه الفصائل لكي تصبح وطنية و مؤمنة بالوحدة الوطنية الفلسطينية؟

فهد سليمان: العوامل التي أدت إلى حالة التشرذم و الانقسام الفلسطيني تتحدد فيما يلي:

أولا، انفراد القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية بالقرار السياسي الفلسطيني و تجاوز البرنامج الائتلافي و أسس العلاقات الائتلافية التي قامت على الوحدة الوطنية و منظمة التحرير الفلسطينية.

ثانيا، التدخلات الإقليمية العربية في الموضوع الفلسطيني التي تؤثر على وضع الحالة الفلسطينية بشكل عام.

السبب الثالث هو بنية الحركة الوطنية الفلسطينية التي تنقسم من حيث انتشارها، إلى ثلاث فئات، هناك فئة ذات وجود راسخ وسط الشعب الفلسطيني على أرض الوطن و في الشتات، و هناك فئة ثانية لا وجود لها في الشتات، و هناك فئة ثالثة لا وجود لها في الأراضي الفلسطينية.

إحدى الميزات التي تتسم بها أوضاع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين هي أنها تنظيم، تاريخيا، موجود وسط الشعب الفلسطيني و وسط اللاجئين في الشتات، و هذه البنية هي التي تسمح لنا بأن نتعاطى مع كل هذه التطورات بدرجة عالية من القدرة على عدم التأثر بها ضدا على المصلحة الوطنية.

الوضع الفلسطيني بشكل عام، إطاره التوحيدي جاهز من حيث المبدأ من خلال منظمة التحرير الفلسطينية و مؤسساتها، لذلك تكتسي مهمة تفعيل هذه المؤسسات على قاعدة البرنامج الوطني المشترك أهمية فائقة في استحداث مسيرة تعزيز الوحدة الوطنية و استكمالها و إجراء لم الشمل الفلسطيني على قاعدة وطنية و سياسية واضحة.

  •  من بين المبادرات الوحدوية التي كان اليسار الديمقراطي العربي يعتز بها في الساحة العربية، تجربة التحالف الذي كان قائما في أوائل الثمانينات بين الجبهة الديمقراطية  بزعامة نايف حواتمة و الجبهة الشعبية بزعامة جورج حبش، و مثلت وقتها نموذجا راقيا لأنها جاءت كرد فعل غير مباشر على الاقتتال داخل حركة فتح بين تيار أبو موسى و تيار أبو عمار، و قد توجت الجبهتان هذه التجربة بإصدار وثيقة الإصلاح الديمقراطي لأوضاع منظمة التحرير الفلسطينية، و بإحداث، آنذاك، ما سمي القيادة المشتركة للجبهتين ،و كان الهدف المنشود هو الارتقاء بها لكي يصبح لها امتداد تنظيمي أفقي، بما في ذلك توحيد الأجهزة العسكرية للمقاتلين الفلسطينيين، و لكن لأسباب و حسابات تكتيكية أدت إلى وأد هذه التجربة في مهدها، و بعد سنوات من المد و الجزر داخل الساحة الفلسطينية، تمكنتم من بناء تحالف وحدوي من طراز جديد سمي بالتحالف الديمقراطي (الجبهة الديمقراطية، الجبهة الشعبية، الحزب الشيوعي الفلسطيني و جبهة التحرير الفلسطينية) لم يسلم، هو الآخر، من الانقسام و الفشل. كيف تقيمون هذا المسار من التحالفات الوحدوية الفاشلة و هل راكمتم، في ضوئها، أفكارا جديدة تسمح لكم بتجاوز مخلفات الماضي حتى لا تتسبب في فشل جديد لأية تجربة وحدوية تضر بقضية الشعب الفلسطيني؟

فهد سليمان:  إذا كانت القضية الوطنية الفلسطينية تشكل محور من المحاور الرئيسية للفكر السياسي الفلسطيني للجبهة الديمقراطية، في نفس السياق، تنطلق الجبهة من وحدة اليسار الفلسطيني أو وحدة اليسار الديمقراطي الفلسطيني، و أود أن أذكرك، باعتبارك أحد الإخوان الذين واكبوا تجربة الجبهة الديمقراطية منذ انطلاقتها، أننا عرفنا عن أنفسنا عندما تأسسنا في 22 فبراير 1969 باعتبارنا جبهة يسارية متحدة. كنا نتكلم عن توحيد اليسار في الجبهة، هذه الدائرة تعمل ضمن الدائرة الأرقى  التي تضم جميع القوى الوطنية الفلسطينية في الجبهة الوطنية المتحدة أو في منظمة التحرير الفلسطينية. هذا محور سابق من محاور تفكيرنا الشيء الذي يعني أن الجبهة الديمقراطية لم تعتبر نفسها في أي لحطة من اللحظات سوى أنها مكون من مكونات هذه الحالة اليسارية، حتى الآن، هذه الحالة اليسارية الفلسطينية، فيها ثلاثة مكونات رئيسية، طبعا، إلى جانب مكونات أخرى، ما زالت تعاني من عدم الارتقاء بمستوى التعاون و العمل المشترك و أطر العمل المشترك فيما بيننا، و كذلك عدم الارتقاء بالمستوى الذي يقتضيه العمل الوطني و الحركة الفلسطينية، هذا الأمر لا مجال لنفيه أو التغاضي عنه لأنه صحيح، فما هي إذن، الأسباب التي تحول دون التقدم بالخطوات اللازمة و بالسرعة المطلوبة؟

أعتقد أن هناك من حيث المبدأ الأسباب التالية:

الأسباب لها علاقة ببنية هذا اليسار. إلى أي مدى استطاعت هذه البنية أن تطور نفسها بالمعنى الفكري و السياسي و التنظيمي لدرجة تسمح لها بأن تواكب التطورات الوطنية الفلسطينية من موقع متقدم و مبادر بعد أن عصفت
التطورات السياسية العالمية و الإقليمية بالعديد من الأوضاع  و المرتكزات التي كان يستند إليها هذا اليسار مستمدا منها قوته و زخمه و إمكانياته.

المراجعة النقدية لم تحصل بنفس الدرجة

هنا، ينبغي أن نقول أن عملية المراجعة النقدية بانعكاساتها على بنية هذا اليسار الفكرية و السياسية و التنظيمية لم تحصل بنفس الدرجة و بنفس العمق بالنسبة لكل مكونات اليسار، هناك من قطع شوطا في هذه المراجعة و لم يبلغ بعد نهايتها، و هناك من قطع شوطا أقل، هذا الأمر يفسر، على سبيل المثال، لماذا في إطار هذا اليسار ما زالت هناك خلافات سياسية حول كيفية التعاطي مع المهمات السياسية الراهنة، مثلا، موقفنا بإزاء المفاوضات كيف ينبغي أن نتعاطى معها؟ و ما هي الأسس التي يجب اعتمادها من أجل الانخراط فيها؟ هذه القضية ليست طارئة و لكنها قائمة بكل تأكيد، و ليس ثمة شك في أن بنية سياسية تنظيمية عندما يمتد بها الأمر دون أن تعيد النظر في مرتكزاتها بما يسمح لها بمواكبة التطورات و استشراف آفاقها، فإنها تعزز بداخلها دور و تأثير البنى البيروقراطية المتكلسة. 

  •  الجبهة الديمقراطية كانت سباقة و متقدمة على مستوى وعيها و طرحها لمسألة الوحدة الوطنية الفلسطينية و للتحالفات. و لكن المفارقة هي أن الجبهة الديمقراطية التي كانت تناضل باستماتة من أجل تحقيق هذا الهدف الأسمى و من أجل تجاوز الخلافات و الانقسامات وسط الفصائل الفلسطينية، عانت في أوائل التسعينات من حركة انشقاق أضعفت بنيتها التنظيمية و دورها السياسي النضالي. كيف عالجتم هذه المفارقة على مستوى التأمل النظري و السياسي؟

فهد سليمان: هذه ليست مفارقة لأن الجبهة الديمقراطية كتنظيم وطني فلسطيني تقدمي هو من التنظيمات الرئيسية من الطبيعي أن تدور في صفوفه، خاصة في اللحظات المصيرية و التطورات التاريخية، نقاشات واسعة حول إستراتيجية العمل و برنامج العمل و حول الخيارات الفكرية السياسية و التنظيمية.

برنامجان واحد يطور القائم.. و آخر يتنكر للمنطلقات..

هنا أود التذكير أنه عندما وقعت ثلاثة تطورات مفصلية تمثلت بانهيار الاتحاد السوفييتي و تفككه و انهيار المعسكر الاشتراكي و تطورات حرب الخليج بتداعياتها، و الانخراط الفلسطيني في المفاوضات، بدءا من مفاوضات مدريد وصولا إلى مفاوضات أوسلو، في هذه الفترة التي تشكلت فيها الأمور على مستوياتها الدولية و الإقليمية و الفلسطينية، دارت نقاشات واسعة في إطار الجبهة الديمقراطية، تمخضت عنها خيارات برنامجية منها من انطلق من أرضية الجبهة الديمقراطية و تراثها السياسي و التزاماتها الفكرية الوطنية. و نرى أنه ينبغي أن نحث الخطى على طريق تجديد كل هدف في إطار الجبهة الديمقراطية، و هذا البرنامج هو الذي انحازت إليه الأغلبية الساحقة من قيادات و أطر و أعضاء الجبهة الديمقراطية. و هناك برنامج آخر شكل خروجا عن كل هذا التراث و عن الالتزام السياسي و الفكري، و أدار الظهر إلى نهج الاشتراكية العلمية التي تحمل راية الفكر التقدمي الملتزم بقضايا الشغيلة و العمال و الفقراء، و صاغ برنامجا آخر جعل منه ملحقا بتنظيم البورجوازية الوطنية الفلسطينية.. و عندما يحصل مثل هذا الحوار و تكون الخيارات أمام برنامجين برنامج يطور القائم ضمن الاستمرارية و التطور، و برنامج آخر يتنكر للمنطلقات الفكرية و السياسية و التنظيمية، خارج إطار للجبهة و يلتحق بالحزب الرئيسي للبورجوازية الوطنية

 الفلسطينية، شيء طبيعي أن حالة كهذه تعتبر فيها الجبهة الديمقراطية أن 

أصحاب هذا البرنامج  قد وضعوا أنفسهم خارج إطار الجبهة، هذا ما حدث و هو تطور لم يكن مستحبا. على أية حال، هذه القضية مضى عليها عقد من الزمن، و أعتقد أن الانقسام الذي وقع حينها لم يقع على قاعدة التواجد الجغرافي للهياكل القيادية. معروف عن الجبهة الديمقراطية أنها حزب منتشر حيث ينتشر الشعب الفلسطيني و نفس الشيء ينسحب على قيادتها، و خلال حياته المكتب السياسي للجبهة لم يكن متمركزا في بلد معين، باستمرار كانت قيادته موزعة في غزة و الضفة الغربية و سائر أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، و الخلاف الذي وقع له أسسه البرنامجية و الفكرية و السياسية و التنظيمية.

  •   سادت في السابق طروحات استهدفت المساس بالفكر القومي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في الوقت الذي تراهن فيه على أن الكيانية  الفلسطينية لكي تحصل على وضع سليم لا بد لها من دعم عربي، و مفاد هذه الطروحات أن بعض قياديي الجبهة ليسوا بفلسطينيين و ضمنهم الرفيق فهد سليمان الذي اعتبرته هذه الطروحات انه لبناني الأصل. فما هي خلفيات هذه الطروحات؟

فهد سليمان:  يشرفني أن أكون مواطنا عربيا ينتسب إلى أية دولة عربية من المحيط إلى الخليج، كأن أكون مغربيا أو جزائريا أو فلسطينيا أو لبنانيا.. و منخرطا، في نفس الوقت، في الحركة الوطنية الفلسطينية. و لكن لا أستطيع أن أدعي هذا الشرف لنفسي بحكم أنني فلسطيني أبا عن جد، و من عائلة فلسطينية  و مولود بحيفا عام 1945، أي قبل ثلاث سنوات على نشوء إسرائيل، و مع ذلك، أقول أننا نعتز بكل الرفاق المناضلين العرب الذين قاتلوا و ناضلوا في صفوف الثورة الفلسطينية و بالأخص في الجبهة الديمقراطية و البعض منهم وصل إلى مواقع قيادية. نحن في الجبهة الديمقراطية نتعاطى بمقاييس علاقتنا مع المناضلين انطلاقا من عطاءاتهم و نضالاتهم، و ليس انطلاقا من أخرى. و بالمناسبة، أشير إلى أن الكثير من المناضلين العرب، نتوفر على لائحة بأسمائهم، استشهدوا في صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

أعتقد أن ثمة قضية يوجد فيها التباس و تنقصها الدرجة الكافية على مستوى العلاقة ما بين النضال الوطني الخاص بكل بلد من البلدان العربية وبين النضال القومي العام، نحن في الجبهة الديمقراطية نعتقد انه من أجل انجاز حقوقنا الوطنية الفلسطينية، ينبغي الاعتماد على القوى الذاتية الوطنية الفلسطينية، من هنا إبرازنا الدائم لمقولة وحدتنا الوطنية الفلسطينية، و هذا هو الشرط الضروري الذي يجب توفيره و الذي ينبغي أن يتكامل مع مجموعة من الشروط و الاعتبارات الأخرى، إذا توفرت تحسنت بشكل واضح و ملموس نسبة القوى بيننا و بين إسرائيل، و كلما توفرت كان ذلك أفضل، ونقصد بهذا، الحالة العربية المحيطة، سواء كانت حالة شعبية من خلال الأحزاب و النقابات و مؤسسات المجتمع المدني أو حالة رسمية من خلال الحكومات و الدول و غيرها.

كنا باستمرار ننظر إلى مستوى المشاركة العربية و التضامن العربي مع النضال الوطني الفلسطيني باعتباره عمل رئيسي، و لذلك ما زلنا حتى الآن نسعى من أجل التضامن العربي سواء من خلال القمم العربية أو من خلال الحركات الشعبية، و ما زلنا نتكلم من أجل استعادة النظام الإقليمي العربي القائم على أساس الجامعة العربية و مؤسسة القمة العربية و معاهدة الدفاع العربي المشترك. و هذا المستوى ينظم العلاقة بين الهيئات الرسمية و نطالب باستمرار أن يتم تفعيله و تنشيطه، كما نطالب باستمرار بالتنسيق و العمل المشترك بين مختلف القوى الشعبية العربية من المحيط إلى الخليج. و أؤكد على أننا نحن التنظيم الوحيد – و هذه مسألة نعتز بها – الذي لديه أطر مناضلة في القيادة من أصول عربية و انتموا إلى حركة نضال الشعب الفلسطيني و قضيته الوطنية.

  •  بالنسبة لهذا الموضوع بالذات، اعتقد أن الثورة الفلسطينية ليس لديها المناضلين العرب فقط، و إنما كذلك استقطبت مناضلين من فرنسا و بريطانيا و ألمانيا و اليابان و أمريكا الجنوبية و الأكراد.. لكن السؤال المطروح بعد عودة القيادة الفلسطينية إلى الأراضي المحررة و في أفق بناء الدولة الوطنية الفلسطينية و عاصمتها القدس الشريف، هل ثمة تفكير في إدماج هؤلاء المناضلين العرب و الأمميين في المجتمع الفلسطيني؟

فهد سليمان: التفكير في هذا الموضوع قائم، لكن انجازه عمليا يصطدم بحواجز اتفاقيات أوسلو. و قرار العودة إلى الوطن الفلسطيني تبث فيه إسرائيل و ليس الفلسطينيون، و عندما يصبح هذا القرار بيد الفلسطينيين، فإن دولتنا الفلسطينية ينبغي أن تكون ديمقراطية و منفتحة على محيطها العربي إلى أبعد الحدود.

  •  قضية اللاجئين الفلسطينيين قضية إشكالية، و عندما أطرح عليك هذه القضية لا أقصد اللاجئين الذين هجروا من الضفة الغربية و قطاع غزة و القدس الشرقية، و إنما أقصد الذين هجرتهم إسرائيل إلى الشتات عام 1948، و هم الآن مطروح عليهم العودة أو التعويض، كيف ستعالج القيادة الفلسطينية مشكلتهم التي ستتفاقم حتى عند عودتهم لأن وجودهم في ظل الدولة الإسرائيلية سيجعلهم يشعرون باغتصاب لحقوقهم التاريخية؟

فهد سليمان:  في موضوع اللاجئين و العودة ثمة نقاط تحتاج إلى وضوح، الذين أخرجوا و طردوا من الضفة الغربية و قطاع غزة و القدس الشرقية يطلق عليهم بالمصطلح السياسي النازحين، و هؤلاء يبث في عودتهم قرار مجلس الأمن رقم 237. هذه القضية ليست موضوع تفاوض على الإطلاق، و قرار مجلس الأمن له طابع الانجاز و ينص على عودتهم. و كل المفاوضات التي جرت حتى الآن حول النازحين لم تتمكن ليس فقط من إدخال البعض منهم، و إنما لم نتفق مع الإسرائيليين من هم النازحون؟ لا زلنا على مستوى الجدال الفقهي القانوني، و لكن عندما تتأسس دولة فلسطين على أرض الضفة الغربية و قطاع غزة و القدس الشرقية ستكون عودة هؤلاء النازحين بقرار سيادي لفلسطين و لا علاقة لها لإسرائيل به، كما أنه عندما تكون الدولة الفلسطينية  قائمة ستكون من حقها السيادي أن تمنح الجنسية لمواطنيها أينما كانوا.

القرار 194 يفرز مجال التعويض و يربطه بالعودة

موضوع اللاجئين يعني:

من جراء حرب 1948 أقدم العدو الصهيوني على إبعاد غالبية الشعب الفلسطيني من المناطق التي أقام عليها دولته المحتلة، و هذا الأمر الآن من الناحية التاريخية لم يعد موضع نقاش عند العرب، و الرواية الإسرائيلية التي لفقت و عممت حول موضوع نشوء مشكلة اللاجئين، يوجد الآن داخل إسرائيل تيار يحمل اسم “المؤرخون الجدد”  كشف و فضح هذه الرواية و المؤامرات و المخططات الصهيونية بطرد الفلسطينيين من أراضي 1948. إذن، اللاجئون هم الذين طردوا من “اسرائيل” أثناء حرب 1948 باتجاه لبنان و سورية و الأردن و العراق و مصر و الضفة الغربية و قطاع غزة، بل طردوا حتى داخل مناطق الاحتلال الإسرائيلي نفسها، فإسرائيل دمرت 531 قرية و بلدة من مناطق 1948، و غالبية أبناء فلسطين الذين يعيشون في دولة إسرائيل مهجرين من قراهم و بلداتهم التي ينتمون إليها في الأصل.

القرار رقم 194 الذي اتخذ على مستوى هيأة الأمم المتحدة لمعالجة مشكلة هؤلاء اللاجئين ينص على التعويض باعتباره الاختيار الأساسي حيث يتكلم عن حق العودة و التعويض يفرز مجال للتعويض لكنه يربطه بالعودة. إسرائيل اعترفت به حتى تتمكن من الظفر بعضويتها في الأمم المتحدة، لذلك، على سبيل المثال، و حتى انعقاد اتفاق أوسلو، تم التصويت عليه مائة و عشرة مرة حتى سنة 1993، و كانت الولايات المتحدة تصوت إلى جانب هذا القرار فيما إسرائيل تمتنع.. و بعد عملية أوسلو بدأت إسرائيل تأخذ موقفا مضادا لهذا القرار و الولايات المتحدة تمتنع.. لأنها تعتبر أن هناك عملية تفاوضية جارية سوف تؤذي إلى حل لقضية اللاجئين، و عندما  يتم تسليم إسرائيل لهذا الحق (حق العودة بموجب قرار 194) ستكون الآليات حول كيفية تطبيقه موضوعا آخر.

و هذا الحق، يجب تثبيته و لا مجال للتنازل عنه، و لا حل لقضية اللاجئين خارج إطار هذا القرار طبعا. هناك العديد من الدراسات حول هذا الموضوع، ليس هناك مشكلة جغرافية تحول دون عودة اللاجئين الفلسطينيين، و عندما يكون هناك قرار سياسي بعودتهم كل الصعوبات سيتم تدليلها بالطبع.