مقدمة
بتاريخ 20 أبريل 2018 ظَهرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب نداءات بمقاطعة ثلاثة شركات مغربية تهُم كُلا من شركة أفريقيا غاز للمحروقات، وشركة سيدي علي للمياه المعدنية ثم شركة سنطرال دانون للحليب ومشتقاته. ورغم أن الحملة تبنّاها نشطاء مجهولي الهوية إلا أن حملة المقاطعة هذه شكّلت وسيلة ضغط قوية من أجل الدفع بهذه الشركات لخفض أثمان هذه المنتوجات المرتفعة، في الوقت الذي يواجه فيه المغاربة في السنين الأخيرة ظروفا اقتصادية صعبة. وتكمن أسباب اختيار هذه الشركات دون غيرها، لكونها ترمز إلى نوع من الاقتصاد الريعي المرتبط بعلاقات مع نخب سياسية ورجال أعمال، أو تمثّل فروعا لشركات أجنبية بالمغرب (1). وإذا كانت الدوافع المعلنة لدعوات المقاطعة تحمل طابعا اقتصاديا صرفا مرتبطا بغلاء هذه المنتوجات وبالتالي دعوتها إلى خفض أثمانها، فإنه بالمقابل يمكن أن تٌقرأ أيضا باعتبارها شكلا من أشكال النشاط السياسي (2). كما أنها كذلك وسيلة خالية من المخاطر من أجل التعبئة الاجتماعية والسياسية، بحيث تمكّن النشطاء والفاعلين المدنيين من المشاركة السياسية والتأثير في الرأي العام من دون أن يتعرضوا لضغوطات السلطة. وفي المُحصّلة، فلقد قامت شركة سنطرال دانون للحليب ومشتقاته بخفض ثمن مبيعاتها في المغرب ابتداء من تاريخ 5 سبتمبر 2018، إلا أن هذه الخطوة لم تلقى قبولا من طرف المقاطعين الذين أعلنوا استمرارهم في مقاطعة منتوجاتها.
تَبحث هذه الورقة في حركة المقاطعة المغربية هذه، محاولة فك دلالات شعارها “خليه يريب” (دعه يفسد)، وذلك من خلال النظر لحركة المقاطعة المغربية باعتبارها حركة اجتماعية جديدة (3) والعمل على تسليط الضوء على بنية الفرص السياسية (4) التي استثمرها ناشطو المقاطعة وتمكنوا من خلالها من تعبئة الموارد الضرورية لتحقيق أهداف الحركة ككل (5). كما تبحث أيضا في دور التغيّر الاجتماعي داخل المجتمع المغربي باعتباره عاملا أساسيا في تسييس المواطنين وتأثيرهم في الشأن العام، وكيف يمكن اعتبار هذا الأمر وراء إصرار النشطاء على الاستمرار في مقاطعة المنتوجات، باعتبارهم فاعلين وليس فقط مستهلكين (6)، وكذا تأثيرات حملة المقاطعة على الشأن السياسي، وردود الأفعال التي وردت من طرف الشركات المقاطَعة، والحكومة والنظام ككل. وفي خضم تحليلنا لهذه الظاهرة، يبدو أن المواطن العادي أصبح القوة الرئيسية في التغيير ولم يعد مجرد مستهلك بسيط (7).
ظهور حملة غامضة
لقيت دعوات المطالبة بالمقاطعة في المغرب في العام 2018 اهتماما كبيرا من طرف المواطنين، وذلك بالرغم من دعوات سابقة في السنين الماضية ولكنها باءت بالفشل. ففي سنة 2000 مثلا، أطلقت مجموعات تنتمي للتيارات الإسلامية واليسارية دعوات لمقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية (كوكا كولا، ماكدونالد، التمور الإسرائيلية وغيرها) ضمن مشروع حركة المقاطعة الدولية BDS، إلا أنها فشلت في استمالة فئات واسعة من المواطنين وكسب تعاطفهم، باستثناء مجموعات قليلة تنتمي للتيارات الإسلامية واليسارية. وبالتالي، فإن حملات المقاطعة الأخيرة بالمغرب شكّلت حدثا استثنائيا غير مسبوق في تاريخ المغرب السياسي المعاصر. ففي سابقة هي الأولى منذ الاستقلال، اتّفق الملايين من المغاربة على مقاطعة شركات محددة وتحدي شكل من أشكال الاقتصاد السياسي في البلاد من خلال توحيد إرادتهم وعدم الكشف عن هويتهم لوسائل التواصل الاجتماعي.
تُعد حملة المقاطعة هذه الأكثر شعبية بخلاف نظيراتها السابقة؛ ففي غضون أسبوع من إطلاقها (20 أبريل 2018)، وصلت هذه الحملة إلى مسامع أكثر من تسعين بالمائة من المغاربة، فيما شارك فيها حوالي ثلاثي أرباع الساكنة بشكل من الأشكال في هذه الحملة. ومن مجموع الداعمين لهذه الحملة، قاطع حوالي 95 بالمائة شركة سنطرال دانون للحليب ومشتقاته، و78 في المائة قاطعوا شركة سيدي علي للمياه المعدنية، فيما 52 في المائة قاطعوا شركة أفريقيا غاز وذلك حسب ما أوردته صحيفة “l’economiste” المغربية (8). وحسب استبيان أنجزته ذات الصحيفة، فإن فئة الشباب هم الذين تصدّروا هذه الحركات الاجتماعية بامتياز؛ إذ كان حوالي 95 في المائة من الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة على علم بهذه المقاطعة، ضمنهم 70 في المائة منهم شاركوا فيها بشكل فعّال، فيما تصل النسبة لحوالي 31 في المائة بالنسبة لغير الشباب (فوق 55 سنة) (9). تُبيّن هذه النتائج مدى حركية ونشاط فئة الشباب عبر استثمارها لوسائل التواصل الاجتماعية وباعتبارها متأثرة بنوعية السياسات الحكومية الحالية، وباعتبارها كذلك الفئة الاجتماعية الأكثر تضررا من البطالة، وهو ما يجعلهم يشكلون الوقود الأساسي لكثير من الحركات الاجتماعية.
لقد شكّلت حملة المقاطعة المغربية للعام 2018 نموذجا مثاليا لمدى الدينامية السياسية للتعبئة الاجتماعية من أسفل، واعتبار ذلك مؤشرا على تنامي جيل جديد من الحركات الاجتماعية بالمغرب:
– فهي حركة واضحة للعيان، وامتدت لشهور وحقّقت انتصارا عندما قرّرت شركة سنطران دانون تخفيض ثمن مبيعاتها.
– تحَدّت أنماط القمع التقليدية التي تستعملها السلطات لتطويق المعارضة، باعتبارها تميّزت بنوع من المرونة والسلاسة وفي قدرتها على توسيع دائرة المقاطعة، مما جعل السلطات عاجزة على فكّ المقاطعة بالطرق التقليدية.
– وأظهرت أنها ليست مجرد وسيلة للتضامن مع المستهلك، بل هي طريقة لخلق دينامية سياسية على اعتبار أنها استطاعت أن تحرك شريحة واسعة من المواطنين وتوحدهم على قضية منظمة، وتَسهُم في التأثير على السياسات خارج الأنماط التقليدية المتعارف عليها لدى المؤسسات السياسية العادية (10).
فرصة سياسية من أجل مغرب متمرد
من المهم بمكان الاطلاع على السياق السياسي الذي أفرز حركة المقاطعة وعلى الاستراتيجيات التي سلكها المقاطعون لتحقيق أهدافهم، وذلك من أجل فهم الأسباب التي جعلت حركة المقاطعين الشباب تنجح في إشعال شرارة المقاطعة وفي جعلها مستمرة. فمن جهة، استفاد المتظاهرون من الفرصة السياسية التي فُتحت في أواخر سنة 2016 من أجل إسماع صوتهم وتحقيق أهدافهم. ومن جهة أخرى، فقد استفادوا كذلك من وفرة وسائل ووسائط التظاهرة المتعددة والتي استثمروها بهدف إسماع صوتهم.
لقد شهد المغرب حراكا اجتماعيا قويا اعتبر نسخة مغربية لما بات يعرف بثورات الربيع العربي. إذ بتاريخ 20 فبراير 2011، خرج الالاف من المتظاهرين إلى الشوارع مطالبين بإصلاحات اجتماعية وسياسية في المغرب، ممّا دفع بالدولة للاستجابة في وقت وجيز وذلك باقتراح إصلاحات سياسية منها إصلاح وتعديل الدستور المعمول به، وكذا الإعداد لانتخابات مبكرة. إلا أن الأمل في تحقيق الإصلاحات السياسية المنشودة وفي تحقيق الرفاهية وتوسيع دائرة الحريات تراجع في السنين الثلاثة الماضية. فلقد عرف المغرب ومنذ العام 2015 انتكاسات وتراجعات متتالية فيما يخص كيفية تعامل السلطة الصّلب مع العديد من التوترات الاجتماعية والتي ساهمت في تأجيج الأوضاع والاحتقان مرة أخرى بداية العام 2016. حيث عاد النظام “المخزن” إلى أساليبه القديمة في تطويع الانتخابات والتحكّم في نتائجها، وممارسة ضغوطات فيما يخص حرية التظاهر والتعبير.
سَيعرف المغرب ومنذ شهر أكتوبر من العام 2016، نشوب موجة من المظاهرات همّت مدن الشمال ومنطقة الريف والرباط والدار البيضاء ومدن كبرى أخرى، وكانت مطالبها ذات طابع اجتماعي واقتصادي، كمشكل البطالة وضعف الخدمات الأساسية وغلاء تكلفة المعيشة. وكان رد السلطات المغربية عنيفا وصارما ضد هذه المظاهرات، إذْ ثَم اعتقال العديد من المتظاهرين فيما اضّطر العديد منهم إلى التراجع وترك النضال السياسي (11). ويبدو أن هذه القبضة الحديدية ساهمت في إضعاف حركة الشارع، إلا أنه بالمقابل، وبتتبع دقيق لحركية ودينامية الشارع السياسي خلال العام 2018، يتبيّن أن المتظاهرين لم يتراجعوا بشكل كامل للوراء، بل انتظموا (12) في أشكال جديدة من مقاومة السلطوية في المغرب وشمال إفريقيا ككل (13). وبالتالي فإنه يمكن قراءة دعوات المقاطعة باعتبارها استراتيجية جديدة للتعبئة السياسية بالمغرب.
لقد أدّت سياسة القمع التي اتّبعتها الدولة من خلال تضييقها على التظاهر في الشوارع إلى إبطال شرارة التظاهر في الفضاءات العامة، وذلك مخافة اتساع رقعة الاحتجاج واحترازا من أي تهديد قد يتولّد عنها. لذلك، تُشكل استراتيجية المقاطعة أسلوبا بديلا يلجئ إليه المواطنون من أجل التعبير عن مطالبهم، نظرا لطبيعتها الخالية من أية مخاطر تذكر (14)، ولأن السلطة لا تستطيع قمعهم ما داموا لم يخرجوا للشارع العام. وبهذه الطريقة، يتمكن المقاطعون من لعب دور فعّال في التغيير من دون التعرض لخطر الاعتقال أو السجن.
يُبيّن منظر الحركات الاجتماعية البارز “سيدني تارُّو” Sidney Tarrow أن السياسات المثيرة للجدل contentious politics يتم إطلاقها عندما تساهم الفرص السياسية المتاحة وكذا الضغوطات في خلق حوافز للتحرّك والتعبئة لدى الفاعلين الذين يفتقدون لإمكانية خلق هذه الحوافز من تلقاء أنفسهم. ذلك أن الشعوب تناضل من خلال ما تمتلكه من مخزون نضالي ثُم تقوم باستثماره عبر توسيع دائرة الإبداع في حيزها الجغرافي. وتَسهُم هذه السياسات المثيرة للجدل في إثارة صدام مستمر مع معارضيها، وتتسبّب في نشوب حركات اجتماعية خصوصا عندما تدعمها شبكات اجتماعية منظمة وتؤطرها رموز ثقافية بارزة وفاعلة. بالمجمل، توفر الفرص المفتوحة إمكانيات وموارد خارجية للشعوب التي تفتقد إلى موارد داخلية (15).
ويبدو أن مفهوم بنية الفرص المتاحة يصلح لدراسة حركة مقاطعة المنتوجات المغربية التي حدثت سنة 2018، والتي بالمناسبة بدأت بوادرها منذ سنة تقريبا (16). إلا أن زخمها ازداد عندما سمحت لذلك الفرصة السياسية التي انفتحت بعد شهر نوفمبر من العام 2016، حيث ارتفع منسوب الغضب والتشنج في صفوف المغاربة بعد حادثين رئيسين:
– تَمثل الأول في حادث ما بات يعرف “بالبلوكاج السياسي” الذي انطلق بُعيد انتخابات العام 2016 عندما اُنتخب رجل الأعمال البارز عزيز أخنوش على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار، وتمكُّنه من إفشال تكوين ائتلاف حكومي يترأسه رئيس الحكومة الأسبق السيد عبد الإله بن كيران بعدما تصدّر حزبه للمرة الثانية نتائج الانتخابات، وهي العملية التي أدّت إلى عزل بن كيران من طرف الملك. وساهمت هذه الأحداث مجتمعة في تصاعد الاحتقان والغضب وفقدان الثقة في العملية السياسية وفي سردية السلطة الحاكمة بسبب هيمنتها على العملية السياسية (17).
– أما الثاني، فكان حادث موت بائع السمك محسن فكري بتاريخ 28 أكتوبر 2016 داخل شاحنة لنقل الأزبال والنفايات بعدما أقدمت السلطات المحلية على مصادرة عربته محملة بالأسماك، وهو الحادث الذي أجّج مظاهرات واسعة في الريف وباقي المناطق. ولقد عزّز هذا الحادث من الاحتقان السياسي الذي بدأت بوادره مع حادث البلوكاج السياسي لبنكيران، وساهم في تزايد حدة المتظاهرين، إلا أن الدولة تعاملت بصرامة قصوى معها بعدما قامت بشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف متظاهري الريف بزعامة ناصر الزفزافي الذي اعتقلته السلطات بمعية 22 اَخرين بتاريخ 22 ماي 2017 (18). واندلعت سلسلة من التظاهرات والحركات الاحتجاجية تباعا في العديد من المناطق ومنها منطقة جرادة في شهر يناير من العام 2018، إلا أن زخم هذه الاحتجاجات في الشارع تراجع نتيجة كلفتها على المحتجين حيث تزايد أعداد المعتقلين من النشطاء منذ شهر ماي من العام 2017.
يساعدنا هذين الحدثين البارزين في تفسير الانتشار الواسع لحركة المقاطعة لدى شريحة واسعة من المواطنين، ذلك أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تستطع لوحدها أن تفسر انتشار حركة المقاطعة في صفوف العديد من المواطنين، بل الذي سيساعدنا في فهم انتشار هذه الحركة الاحتجاجية بشكل رئيسي هي الفرصة السياسية التي أتيحت سنة 2017 بعد تجربة البلوكاج وكدا موت محسن فكري ثم خروج المواطنين في كل ربوع المملكة.
استراتيجيات حركة المقاطعة
تميّزت حركة مقاطعة المنتوجات المغربية بكونها حركة اجتماعية فريدة من نوعها، حيث وبخلاف باقي الحركات النضالية الأخرى، لم تكن لها قيادة هرمية واضحة، وبكونها كذلك طوّرت أساليب عقلانية للممارسة الاحتجاجية لم تعهدها سابقاتها من الحركات التقليدية. فلقد اختارت بعناية الشركات المراد مقاطعتها، وهي طريقة أنموذجية تختارها الشعوب عادة لممارسة الفعل السياسي عبر المقاطعة من أجل الضغط والاحتجاج ضد مختلف الممارسات غير العادلة التي تمارسها هذه الشركات الربحية، وبالتالي فإن هدف المقاطعة الأساسي هو وضع حد لهذه الممارسات غير العادلة. ويرجع استهداف حركة المقاطعة المغربية لثلاث شركات محددة إلى سببين رئيسين:
– تمكُّن هذه الشركات من الهيمنة على الأسواق الاستهلاكية، بحيث تغطي منتوجاتها أكثر من 50 في المائة من مجموع المنتوجات المتاحة في الأسواق المغربية. وسمحت لها وضعية الهيمنة هذه من فرض الأثمان التي تناسبها والتحكّم فيها بعيدا عن شروط المنافسة العادلة. وهذا ربما يبدو أمرا بديهيا ومستساغا في ظل غياب دور مجلس المنافسة الذي ومنذ العام 2013 بقي منصب مديره شاغرا في انتظار تنصيب مدير جديد من طرف الملك وذلك بعدما ثَمّ توقيف المدير السابق.
– ارتباط هذه الشركات العملاقة بعلاقة وثيقة مع النظام؛ بحيث يرتبط عزيز أخنوش (صاحب شركة أفريقيا غاز) ومريم بنصالح (مالكة شركة سيدي علي) بعلاقات قوية ومقربة مع القصر. وقد اُعتبرا من كبار رجال الأعمال المرتبطين والتابعين للدولة، فهم يبادلون النظام الطاعة والولاء سياسيا لكنهم شرهين إلى الاغتناء اقتصاديا (19). لذلك يعتبرهم المقاطعون مستفيدين من هذا الرأس المال السياسي من أجل الاغتناء على حساب المستهلكين. وزاد من حدة هذا الاحتقان ضد هذه الشركات اطلاع المقاطعين على تقرير أصدرته لجنة برلمانية في شهر أغسطس سنة 2018، يبيّن أن شركات توزيع المحروقات حقّقت أرباحا صافية خيالية وذلك منذ تحرير قطاع توزيع المحروقات سنة 2015. فقد وصلت هذه الأرباح إلى حوالي 17 بليون درهم وهو رقم تجاوز بشكل كبير نسبة الأرباح قبل رفع الدعم على هذا القطاع الحساس (20).
فن التأطير بالطريقة المغربية
بدأت دعوات المقاطعة للمنتوجات المغربية السالفة الذكر عبر وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك، واتساب وغيرها) تحت وسم أو هاشتاك “خليه يريب” (دعه يفسد) (21). وبحلول شهر ماي من العام 2018، ارتفع صدى هذه الدعوات ووصل إلى أسواق السمك بسبب ارتفاع أثمنتها، حيث ظهر كذلك هاشتاك “خليه يخنز” (دعه يتعفن) أو “خليه يعوم” (دعه يسبح) وانتشر بشكل واسع بين مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي (22). وتعتبر هذه الاستراتيجية التي تعتمد بالأساس على وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة فعالة في التعبئة لحملة المقاطعة، بحيث يقوم النشطاء مجهولي الهوية بتحديد أهدافهم وبنشر “الهاشتاكات” والتغريدات وجعلها تنتشر بين صفوف المواطنين وباقي النشطاء الذين يظلون بعيدين عن الفضاءات العمومية (23). فبمجرد أن أُطلقت حملة “خليه يريب” في شهر أبريل 2018 حتى انتشر هذا الوسم في جميع وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا فيسبوك كالنار في الهشيم، وانتشرت صفحات أُحدثت خصيصا لهذه الحملة وأحيانا يثم إعادة نشر نفس محتوى باقي صفحات الفيسبوك.
ساعدت وسيلة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، باعتبارها منصة ملائمة للنشر والدعوة إلى المقاطعة، على التعبير الحر وبأرخص الأثمان. وكما قال “كريس رويجكروك” Kris Ruijgrok، فلقد ” ساعدت شبكة الأنترنيت على الزيادة في منسوب الاحتجاج والتظاهر داخل الدول التي تحكمها أنظمة شمولية، وذلك بسبب زيادة نسب استعمال الانترنيت في هذه الدول رغم محاولة الأنظمة التسلطية التحكّم في فضاءات ومقاهي الأنترنيت” (24). لقد وفّرت شبكة الانترنيت لمرتاديها في الحقيقة، ليس فقط تلك الوسائل التقنية الهائلة للتعبير والتواصل الجماعي والتي طوّرها أفراد، بل كذلك خلقت فضاء للنقاش العمومي وفتحت المجال لمشاركة المواطن فيه (25). كما أن الفيسبوك ساهم في خلق التواصل بين شريحة واسعة من المواطنين؛ ذلك أن عدد مستعمليه في المغرب بلغ حوالي 15 مليون مستعمل (26) وهو ما يجعله قوة سياسية حقيقية أكبر حتى من كل الأحزاب السياسية ومن المسجلين في اللوائح الانتخابية ككل. وهو ما جعل أحد الباحثين يتنبأ بظهور عصر الديمقراطية الافتراضية بالمغرب (27)، والتي من أهم مميزاتها قلة تكلفتها ومخاطرها أقل مقارنة بمنهجيات التظاهر التقليدية.
لقد ازداد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة بشكل كبير، رغم استمرار وسائل الإعلام التقليدية في ممارسة قوّتها في تغطياتها للمواضيع والأزمات بطرقها الكلاسيكية، إلا أنها لا تعادل قوة وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا في قدراتها التواصلية أوقات الأزمات، والتي من خلالها يتمكن المواطن العادي من المشاركة في تأطير الأزمة (28). ومن خلال تتبّع وتحليل حملة المقاطعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتبيّن أنها من صنع مواطنين عاديين وذلك لسببين رئيسيين:
– سهولة الولوج إلى محتواها باعتبارها مصدرا للمعلومة تماما كما تفعله وسائل الإعلام التقليدية.
– فعالية الحملة الافتراضية، ليس فقط في تعبئة الأفراد، ولكن أيضا في قدرتها على تمديد المقاطعة وتوسيع دائرة نطاقها لتشمل بالإضافة إلى المدن الكبرى باقي المناطق الهامشية والنائية. ومع تزايد حركة المقاطعة واتساع رقعتها تزداد معها توقعات المقاطعين رغم أن الشركات الثلاثة حاولت إبطاء حركة المقاطعة وذلك عندما أقدمت على مضاعفة حملاتها الإشهارية وعلى تخفيض أثمان بعض المنتوجات وتكثيف تواصلها الإعلامي، إلا أنها فشلت في تحقيق أهدافها (29) أي إنهاء حملة المقاطعة.
انتقام الطبقة الوسطى
تُعبر حركة مقاطعة المنتجات المغربية المستمرة عن تغيّر في العادات الاستهلاكية للمغاربة، إذا أخذنا في الاعتبار أن شريحة واسعة من ساكنة المغرب تنتمي إلى الطبقات ذات الدخل المنخفض أو المتوسط. وتعرّف المندوبية السامية للتخطيط الطبقة الوسطى باعتبارها الأسر التي يتراوح دخلها الشهري ما بين 2.800 و6763 درهم، بحيث تمثل هذه الفئة 53 في المائة من الساكنة مقابل 34 في المائة لصالح أصحاب الدخل المنخفض و13 في المائة لصالح الطبقة الغنية (30). لقد تغيّرت العادات الاستهلاكية للمغاربة منذ مطلع العام 2000، حيث تزايد اعتمادهم على أخذ الديْن/القروض البنكية الذي وصل إلى حوالي 4.13 بليون دولار سنة 2006 بارتفاع تراوح 16 في المائة مقارنة بسنة 2005.
وتقلّص كذلك الضغط الاجتماعي على بعض الأسر المغربية التي كانت ترى في طلب الديْن ضرورة ملحة من أجل العيش الكريم، بل أصبحت تتكوّن لديهم قناعة مفادها أن الدخل المحدود ليس عائقا أمام عيش حياة مريحة، ويمكن ملاحظة هذا التحول في عادة استهلاك المياه المعدنية المعلبة. فقبل بضعة عقود كان استهلاك هذه المياه مرتبطا بنمط في العيش الفاره، حيث كانت تستهلك فقط في المناسبات الخاصة، مثل زيارة أحد المرضى أو في الأعراس. لكن هذه العادة تغيّرت في السنين الأخيرة بطريقة ظاهرة، إذ تزايد استهلاكها والطلب عليها من شرائح واسعة من المواطنين، حيث كان متوسط معدل النمو السنوي لهذه المادة حوالي 8.95 في المائة ما بين سنة 2013 و2015 في غضون ثلاث سنوات (32).
وتعكس حالة التغيّر في العادات الاستهلاكية تحولا داخل المجتمع المغربي نفسه، كما تعكس كذلك الأزمة التي يعانيها السُّلَم الاجتماعي. إذ أصبحت الساكنة المغربية أكثر تمدُّنا وشبابها أكثر تعلما؛ فحسب الاحصاء العام لسنة 2014، فإن أكثر من ثلاثي المغاربة يعيشون الاَن في المجال الحضري في حين كان فقط الثلث هم الذين يعيشون في المجال الحضري سنة 1960. كما أن نسبة الخصوبة انخفضت من 6.1 في المائة سنة 1960 إلى 2.1 في المائة سنة 2018، وارتفعت نسب البطالة في صفوف شباب المناطق الحضرية حيث وصلت 40 في المائة في بعض المناطق (33). وبلغ المعدل الوطني للبطالة 10.5 في المائة سنة 2018، مع توقُّع أن يلتحق حوالي 245 ألف من الفئة النشطة سوق الشغل خلال عامي 2017 و2018. وسيحتاج المغرب إلى خلق حوالي 115 ألف وظيفة إضافية كل سنة والاستمرار في خلق فرص الشغل إذا أراد البقاء في معدل المساهمة الحالية للشغيلة حيث بلغت 47 في المائة (34).
لقد صار من المعروف في المغرب وباقي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن الشباب الأكثر تعلما هم الأكثر عرضة للبطالة، بحيث أصبح أكثر من الثلث من حاملي الشهادات عاطلين عن العمل ضمن نفس الفئة العمرية (36). وأمام تفاقم هذه الوضعية، ازداد القلق والتوتر في صفوف شباب الحواضر وذلك بسبب عدم استطاعة الحكومات مواكبة هذا التحول البنيوي في الاقتصاد، وكدا نتيجة لتزايد تكلفة المعيشة.
زلزال سياسي؟
بتحليل لنتائج حملة المقاطعة، يتبين أنها أجّجت حزمة من ردود الأفعال المختلفة. فمن جهة، ساهمت في تغيُّرات سياسية واقتصادية على السواء، فقد فُقدت الثقة في الحكومة وفي قدرتها على حماية المواطنين، كما أدّت هذه الحملة من جهة أخرى إلى إقالة العديد من الوزراء وإرغام أحد الشركات الثلاثة على تخفيض أسعار منتوجاتها. لقد أظهرت حملة المقاطعة في المحصلة، كيف يمكن للمواطن العادي أن يؤثر في السياسات في ظل نظام تسلطي وبأقل الخسائر.
ولم يَصدر عن القصر أي موقف رسمي بخصوص قضية مقاطعة المنتوجات سالفة الذكر. كما تباينت ردود أفعال الحكومة اتجاه حملة المقاطعة، وتميّزت بالارتباك والتناقض وهو ما حيّر عديد المتتبّعين للشأن المحلي. حيث أقدم بعض الوزراء، بداية، بحملة إعلامية من أجل إقناع المغاربة بإيقاف حملة المقاطعة لكونها تؤثر سلبا على اقتصاد البلاد وخصوصا في شهر رمضان الذي انطلقت فيه، على اعتبار أن نسبة استهلاك بعض المواد الأساسية كالحليب في هذا الشهر يكون مرتفعا. ومن جهة أخرى، أكّدت الحكومة على الأضرار السلبية التي ستلحقها الحملة على الفلاحين الصغار (37)، خصوصا بعدما أقدمت شركة سنطرال دانون على تخفيض طلبها من الحليب بنسبة 30 في المائة من مجموع 120 ألفا من الفلاحين الذين يقومون بإمداد هذه الشركة بالحليب ومشتقاته، وتسريح العمال ذوي العقود المؤقتة الذين قُدّروا بألف عامل (38).
وأثناء جلسة برلمانية للأسئلة الشفوية والكتابية بتاريخ 25 أبريل، أقدم وزير الاقتصاد والمالية السيد محمد بوسعيد (وهو من حزب التجمع الوطني للأحرار) على إلقاء تصريح مسيء للمقاطعين عندما قال: “يجب أن نشجع ونَدعَم الشركات المغربية والإنتاج المغربي، وهذا غير موجود خصوصا وأن بعض “المداويخ” يَدْعون لحملة مقاطعة منتجات بعض الشركات الأساسية التي تقوم باستخدام اليد العاملة وأداء الضرائب” (39). ولقد أدّى هذا التصريح إلى إقالة الوزير المعني من طرف الملك في شهر غشت من نفس السنة (40)، فيما بقيت تصريحات رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني وباقي أعضاء جزبه متذبذبة بخصوص حملة المقاطعة (41)، ووحده السيد نبيل بن عبد الله، الكاتب العام لحزب التقدم والاشتراكية، من دعّم حملة المقاطعة بشكل صريح.
لقد زاد المقاطعون من حدة حركتهم واتخذوا مواقف أكثر راديكالية خصوصا بعدما شهدوه من مواقف الحكومة وأعضائها المتباينة؛ فلقد شدّد نشطاء حملة المقاطعة، على سبيل المثال، من لهجتهم اتجاه وزير الحكامة السيد لحسن الداودي عندما أقدم على التظاهر مع بعض عمال شركة سنطرال دانون ضد حملة المقاطعة، وطالبوا بتقديم استقالته (42). وأمام استمرار الضغط عليه في العالم الافتراضي، قدّم الداودي بعد أيام قليلة استقالته للقصر الملكي، ويبدو أن القصر لم يتقبل هذه الاستقالة، ورغم ذلك فلقد فقَد السيد الداودي مصداقيته في أعين المواطنين بما فيهم أعضاء من حزبه (43).
كما ساهمت حملة المقاطعة كذلك في تهميش وزير الفلاحة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار السيد عزيز أخنوش، بعدما اُعتبر شهورا قبل ذلك بالوزير الخارق داخل الحكومة. وقام حزب التجمع الوطني للأحرار بإلغاء سلسلة لقاءات كانت مقررة مع برلمانيه قبل أن يعود رئيس الحزب للواجهة في لقاء عمومي مع شباب الحزب بتاريخ 22 سبتمبر 2018(44). ولقد تنبّئت بعض وسائل الإعلام بموت السيد أخنوش سياسيا بعد هذه الأحداث (45)، إلا أن هذه التنبؤات كانت مبالغة نوعا ما، على اعتبار أن السيد أخنوش مازال قويا ومدعوما من طرف القصر، بل إن حملة المقاطعة لم تنجح في إسقاطه باعتباره أحد أهم أهداف الحملة الرئيسيين. وبتاريخ 20 أكتوبر من نفس السنة، سيظهر السيد أخنوش بمعية الملك في لقاء خاص لمناقشة التشغيل الفلاحي (46).
اللجوء إلى العلاقات العامة لإضعاف المقاطعة
اتّبعت الشركات الثلاثة التي شُنّت ضدها حملة المقاطعة (افريقيا غاز وسيدي علي وسنطرال دانون) استراتيجيات مختلفة لمواجهة تبعات مقاطعة منتوجاتها. حيث نهجت شركتي “افريقيا غاز” و”سيدي علي” أسلوب التجاهل ضد حملات المقاطعة، وقلّلت من تأثيراتها على مبيعاتها. وصرّح مدير البحث والتنمية في شركة “سيدي علي” لوسائل الإعلام بأن “ثمن مبيعات قنينات المياه المعدنية هي نفسها المتبعة لدى جميع الشركات الموزعة للمياه المعدنية، فلم نفهم لماذا استهدفنا المستهلكون بالضبط دون غيرنا من باقي الشركات” (47). وقام عزيز أخنوش وهو المالك لشركة افريقيا غاز في الأيام الموالية لبداية حملة المقاطعة بشرب كوب من الحليب أمام كاميرات وسائل الإعلام تعبيرا عن تضامنه مع شركة الحليب ومشتقاته “سنطرال دانون” وهي الفرع المغربي للشركة الأم بفرنسا (48).
فيما انتهجت الشركة الفرنسية وفرعها بالمغرب “سنطرال دانون” استراتيجية مختلفة، حيث أقدم مديرها بالمغرب على مهاجمة المقاطعين ووصفهم بالخونة (49)، الشيء الذي أجّج حملة غضب واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد الشركة، وهو ما اضطره لاحقا إلى الاعتذار عما صدر منه (50). من جهة أخرى، أقدم المدير العام لهذه الشركة بعد أسابيع قليلة، على زيارة المغرب وشنّ حملة علاقة عامة مكثّفة تواصل من خلالها مع العديد من صناع القرار وبعض الفاعلين في المجتمع المدني، كما وعد المقاطعين باستمرار الحوار معهم حتى التوصّل إلى تسوية ملائمة (51). وبعد أسابيع من الحوار مع المواطنين بما فيهم المقاطعين، قرّرت الشركة تخفيض أثمنة منتوجاتها ابتداء من شهر سبتمبر 2018.
لقد كان من الصعب تحديد حجم الخسائر المالية التي تكبّدتها الشركات الثلاثة إلى حدود شهر نوفمبر من العام 2018. وطبقا لبعض الإحصائيات الخاصة بشركة “سنطرال دانون”، فقد فَقَدت الشركة أكثر من ثلث انتاجها ومبيعاتها بما يعادل أكثر من 150 مليون دولار في أسابيع قليلة من بدء حملة المقاطعة، وهو ما اضّطرها إلى خَفض عمالها خصوصا من دوي العقود الموسمية، وكذا من نسب توفير الحليب إلى الثلث. أما فيما يخص شركتي “سيدي علي” و”افريقيا غاز” فكان من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة وموثوقة حول الموضوع.
خاتمة:
يُمكن قراءة حملة مقاطعة المنتجات المغربية بكونها صرخة الطبقة الوسطى التي ترى أن مصالحها ومُقدَّراتها قد تَمّ التلاعب بها من قبل النخب الاقتصادية والسياسية الجشعة. ففي العقدين الماضيين، تكاثرت أعباء السياسات الحكومية المُتخَذة على كاهل الطبقة الوسطى خصوصا فيما يخص خدمات التعليم والصحة. كما أنها كذلك تمثل مؤشرا على الخلل البنيوي الذي تعاني منه اَليات الوساطة بين الدولة والمجتمع. فلقد أدّت سياسة الهيمنة على المشهد السياسي التي يَنهجها النظام المغربي إلى خلق فراغ سياسي واضح خصوصا بعد مقتل محسن فكري سنة 2016 وعزل بن كيران سنة 2017. كما أن نهج النظام في إفراغ الأحزاب السياسية من مشروعيتها السياسية جعل القصر بدون غطاء يحميه من الإحباط المتزايد من طرف المواطنين.
ورغم ذلك، فإن التراجع عن تنفيذ الوعود السياسية الناتجة عن الحراك المغربي لسنة 2011 دفعت المواطنين إلى الاحباط، وهو الأمر الذي جعلهم ينزلون إلى الشارع مرة أخرى. وأمام التصدي الصلب والحازم للسلطات المغربية في وجه المتظاهرين في الشارع، اختار المقاطعون تغيير استراتيجيات الاحتجاج وذلك باعتمادهم وسائل أخرى كرفض التعاون وحملات المقاطعة الاقتصادية. لقد شكّلت كل هذه الاستراتيجيات الجديدة وسائل قوية للمقاومة والاحتجاج ضد السلطوية، كما مكّنت المواطنين العاديين من لعب أدوار فعالة في التغيير عبر اعتمادهم رفض التعاون والانصياع، واسترجاع استقلاليتهم الذاتية وحريتهم في اختيار المنتوجات الاستهلاكية التي يودون استهلاكها.
لكن يبدو أن حملة المقاطعة لم تحقق كامل أهدافها، والتي من أهمها: الضغط من أجل تخفيض أسعار كافة المنتوجات التي تنتجها الشركات الثلاث، باستثناء شركة سنطرال دانون التي خفّضت بعضا من أسعارها. لذلك فإن استمرار هذه المقاطعة في المستقبل بات غامضا خصوصا وأنها لم تتحوّل إلى حركة اجتماعية واضحة وذات قيادة بارزة، وبالتالي فإن استمرارها يُعد تحدّيا حقيقيا.
المراجع
(1) “Morocco Consumer Boycott Has Big Business in Its Sights.” Reuters, Thomson Reuters, 30 May 2018, boycott.reuters.com/article/morocco-protests/morocco-consumer-boycott-has-big-business-in-its-sights-idUSL5N1SP35Z.
(2) John T. Jost, Melanie Langer, Vishal Singh; The Politics of Buying, Boycotting, Complaining, and Disputing: An Extension of the Research Program by Jung, Garbarino, Briley, and Wynhausen, Journal of Consumer Research, Volume 44, Issue 3, 1 October 2017, Pages 503–510, https://doi.org/10.1093/jcr/ucx084
(3) تعتمد هذه الورقة على نظرية الحركات الاجتماعية. يناقش رواد هذه النظرية أمثال “دياني” و “مكادام” استحالة اختصار الحركات الاجتماعية بكونها شكل من أشكال العصيان والثورة، بل يذهبون إلى اعتبارها مجموعات مترابطة وغير ممركزة ومنتظمة في أشكال مختلفة بحيث ترتبط فيما بينها عن طريق شبكات معقدة من المبادلات التي تتم إما بصفة مباشرة أو عبر وسائط.
(4) ركّز منظرو الحركات الاجتماعية اهتمامهم في الأونة الأخيرة ليس فقط على الديناميات الداخلية لهذه الحركات الاحتجاجية، كتنامي ظهور القيادات وطرق اتخاذ القرارات الداخلية، ولكن على اعتبارها فرصة سياسية بواسطتها يتمكن هؤلاء النشطاء من تعبئة الموارد الضرورية لتحقيق أهداف الحركة ككل. أنظر: Mario Diani and Doug McAdam, Social Movements and Networks Relational Approaches to Collective Action, Oxford University Press.2009, p:1.
(5) يمكن تعريف الفرص السياسية باعتبارها” مجموع الإشارات الثابتة والقوية التي يتلقاها الفاعلون السياسيون والاجتماعيون والتي تشجعهم (أو العكس) على استثمار مواردهم الداخلية من أجل تكوين حركات اجتماعية”. أنظر:
Sidney Tarrow, ‘States and opportunities: The political structuring of social movements’, inDoug McAdam, John D. McCarthy, and Mayer Zald, eds., Comparative Perspectives on Social Movements: Political Opportunities, Mobilizing Structures, and Cultural Framings, Cambridge Studies in Comparative Politics (Cambridge [England]; New York: Cambridge University Press, 1996). P: 54.
(6) قام السوسيولوجي البارز “اَصف بيات” باستحداث مفهوم “اللاحركات الاجتماعية” للتعبير عن نوع الحركات الاجتماعية التي ظهرت في الشرق الأوسط والتي يقوم فيها المواطنون العاديون من غير النخبة بتغيير السياسات عن طريق ممارساتهم اليومية العادية، والتي تتّخذ طابع ثورات سلبية ضد أوضاعهم السياسية وضد كل أشكال الحيف والظلم الذي يواجهونه. وترجع قوة هذا المفهوم في تجاوزه لنوع السياسات التقليدية القائمة على علاقة عمودية (من أعلى إلى تحت)، إلى استحداثه لحركية جديدة في السياسات قائمة على علاقة تصاعدية (من أسفل لأعلى). للمزيد من التفاصيل أنظر:
Asef Bayat, Life as Politics: How Ordinary People Change the Middle East, Second Edition, Stanford University Press, 2013
(7) يقول “بيات”، “تتكون هذه الممارسات المطلبية التي تنهجها اللاحركات اجتماعية من خلال خلق حركات ضغط مباشرة عوض سلك واعتماد قنوات ضغط ضد السلطات وهو عادة ما تفعله الحركات الاجتماعية التقليدية (مثل الحركات العمالية والبيئية). ولقد تطوّرت هذه اللاحركات كاستراتيجية غير معلنة للحد من تكلفة التعبئة التقليدية في ظل توافر الظروف القمعية”. للمزيد من التفاصيل أنظر:
A Few Thoughts on Bayat’s notion of “Social Non-Movements”, Northernsong, June 4, 2014 https://northernsong.wordpress.com/2014/06/04/a-few-thoughts-on-bayats-notion-of-social-non-movements/
(8) Nadia SALAH, « Enquête L’Economiste-Sunergia/Boycott: Danone, un cas très spécial », l’économiste, N°:5279 Le 24/05/2018. https://boycott.leconomiste.com/article/1028758-enquete-l-economiste-sunergia-boycott-danone-un-cas-tres-special
(9) Nadia SALAH, « Enquête L’Economiste-Sunergia/Boycott: C’est surtout une affaire de jeunes », l’économiste, N°:5279 Le 24/05/2018.
(10) John T. Jost, Melanie Langer, Vishal Singh. Op. Cit.
(11) Mohammed Masbah, A New Generation of Protests in Morocco? How Hirak al-Rif Endures, Arab Reform Initiative, November 2017. https://boycott.arab-reform.net/en/node/1102
(12) Abdelilah Essatte, Protests of Morocco’s Margins: The Credibility Gap, Moroccan Institute for Policy Analysis, August 2018. https://mipa.institute/5845
(13) Max Gallien, Is Morocco’s boycott the future of political resistance in north Africa? Middle East Eye, 12 June 2018, https://boycott.middleeasteye.net/columns/morocco-s-boycott-future-resistance-north-africa-1353240629Max Gallien, Op cit.
(14) Max Gallien, Op cit.
(15) Sidney G. Tarrow, Power in Movement: Social Movements and Contentious Politics, Rev. & updated 3rd ed, Cambridge Studies in Comparative Politics (Cambridge ; New York: Cambridge University Press, 2011). p: 6.
(16) The author of this paper received several calls from regular citizens to boycott some products, but it seems that these early calls were not met with serious engagements from citizens.
(17) Adel Abdel Ghafar and Anna L. Jacobs, Morocco: The king’s dilemma, Brookings Doha Center, March 2, 2017 https://boycott.brookings.edu/blog/markaz/2017/03/02/morocco-the-kings-dilemma/
(18) Morocco: Rif protest leader Nasser Zefzafi sentenced to 20 years, Aljazeera.com, 27 Jun 2018. https://boycott.aljazeera.com/news/2018/06/morocco-rif-protest-leader-nasser-zefzafi-sentenced-20-years-180627085028471.html
(19) Omar Brouksy, Morocco: “His Majesty’s Bosses” Boycotted, orientxxi, 7 JUNE 2018, https://orientxxi.info/magazine/morocco-his-majesty-s-bosses-boycotted,2497
(20) El Mehdi Berrada, Maroc : le Parlement rend public un rapport sur les prix des carburants sur fond de boycott commercial, Jeune Afrique, 17 mai 2018, https://boycott.jeuneafrique.com/560340/economie/maroc-le-parlement-rend-public-un-rapport-sur-les-prix-des-carburants-sur-fond-de-boycott-commercial/
(21) Chtatou, Mohamed. “Cyber Democracy Slowly but Surely Arrives to Morocco.” Cyber Democracy Slowly but Surely Arrives to Morocco, The Washington Institute for Near East Policy, 3 Aug. 2018, boycott.washingtoninstitute.org/fikraforum/view/cyber-democracy-slowly-but-surely-arrives-to-morocco.
(22) Ben Saga, Ahlam. “It’s Been a Bumpy Ride: A Recap of the Moroccan Boycott.” Morocco World News, 22 May 2018, boycott.moroccoworldnews.com/2018/05/246931/prices-economy-moroccan-boycott/.
(23) Saleh, Heba. “Morocco’s Biggest Businesses Hit by Online Boycott Campaign.”, Financial Times, 7 June 2018, boycott.ft.com/content/1ed8370a-6979-11e8-b6eb-4acfcfb08c11.
(24) Kris Ruijgrok (2017) From the web to the streets: internet and protests under authoritarian regimes, Democratization, 24:3, 498-520, DOI: 10.1080/13510347.2016.1223630
(25) Yang Cheng, Jingwen Liang, and Louis Leung, “Social Network Service Use on Mobile Devices: An Examination of Gratifications, Civic Attitudes and Civic Engagement in China,” New Media & Society 17, no. 7 (August 1, 2015): 1096–1116, https://doi.org/10.1177/1461444814521362.
(26) Internet Users Statistics for Africa, December 31, 2017. https://boycott.internetworldstats.com/stats1.htm
(27) Chtatou, Mohamed. Op. Cit.
(28) Päivi Tampere, Kaja Tampere, and Scott Abel, “Who Defines the Narrative of a Crisis? The Case of an Estonian Online Boycott Campaign against an International Supermarket Chain,” Central European Journal of Communication, no. 9.1 (16) (2016): 57–72, https://doi.org/10.19195/1899-5101.9.1(16).4.
(29) Reda Zairig, “Social Protest in Morocco: Does Mohammed VI Have a Plan?, Middle East Eye,” 29 May 2018, https://www.middleeasteye.net/columns/social-protest-morocco-does-mohammed-vi-have-plan-1200718518.
(30) Conférence-débat sur les classes moyennes au Maroc, Rabat, le 6 mai 2009. HCP.
(31) Nicolas Hamelin, Ayantunji Gbadamosi, Sofia Mohaouchane, Imane Benelkaid, Consumers Attitudes towards Debt: Empirical Evidence from Morocco, in ‘Handbook of Research on Consumerism and Buying Behaviour in Developing Nations, IGI Global; 1 edition (May 31, 2016), p 58.
(32) Joseph oscar GNAGBO, « Eaux Embouteillées : Un marché en pleine croissance », leseco.ma, 30 août 2016 http://boycott.leseco.ma/economie/49247-eaux-embouteillees-un-marche-en-pleine-croissance.html
(33) General Census, Morocco, 2014.
(34) “Morocco’s Unemployment on the Rise 2018-2028: Report,” Morocco World News, May 25, 2018, https://www.moroccoworldnews.com/2018/05/247118/moroccos-unemployment-rise-2018-2028-report/.
(35) “Lahlimi: One-Third of Moroccan Graduates Are Unemployed,” Morocco World News,accessed November 15, 2018, http://www.moroccoworldnews.com/2018/08/251778/lahlimi-one-third-of-moroccan-graduates-are-unemployed/.
(36) Safaa Kasraoui, Minister Asks ‘Wise’ Moroccans to End Centrale Danone Boycott, Morocco World News, May 13, 2018. https://boycott.moroccoworldnews.com/2018/05/246270/minister-asks-wise-moroccans-to-end-centrale-danone-boycott/
(37) Ahmed Eljechtimi, “Moroccan Consumer Boycott Pushes Centrale Danone Dairy Firm into the Red”, Reuters, accessed November 15, 2018, https://www.reuters.com/article/morocco-protests-boycott/update-1-moroccan-consumer-boycott-pushes-centrale-danone-dairy-firm-into-the-red-idUSL5N1T64F3.
(38) Saad Guerraoui, “Boycott Campaign Sparks Heated Debate in Morocco, Arab Weekly,” 20/05/2018, https://thearabweekly.com/boycott-campaign-sparks-heated-debate-morocco.
(39) Morocco’s King Mohammed sacks minister after urging action on economy, reuters, August 1, 2018, https://boycott.reuters.com/article/us-morocco-government/moroccos-king-mohammed-sacks-minister-after-urging-action-on-economy-idUSKBN1KM5FE
(40) Ben Saga, Ahlam. “It’s Been a Bumpy Ride: A Recap of the Moroccan Boycott.” Morocco World News, 22 May 2018, boycott.moroccoworldnews.com/2018/05/246931/prices-economy-moroccan-boycott
(41) Morocco minister to resign after expressing sympathy for boycott group, MEE and agencies Thursday 7 June 2018, https://boycott.middleeasteye.net/news/morocco-minister-resign-after-expressing-sympathy-boycott-group-1082793647
(42) Safaa Kasraoui , Minister Daoudi Resigned in June, But Palace May Have Refused It, Morocco World News, Sep 24, 2018 https://boycott.moroccoworldnews.com/2018/09/253947/lahcen-daoudi-resignation-morocco-boycott/
(43) “A l’université d’été de Son Parti, Aziz Akhannouch Fait Son Come-Back Politique (Vidéo) »Telquel.Ma, septembre 23, 2018, https://telquel.ma/2018/09/23/a-luniversite-dete-de-son-parti-aziz-akhannouch-fait-son-come-back-politique-video_1611656.
(44) “Aziz Akhannouch Est-Il Politiquement Fini ?,” Le Desk, 02.05. 2018, https://ledesk.ma/enclair/aziz-akhannouch-est-il-politiquement-fini/.
(45) Tarek Bazza, “King Mohammed VI Receives Akhannouch to Examine Agricultural Employment,” Morocco World News, 20 October 2018,https://www.moroccoworldnews.com/2018/10/255775/king-mohammed-vi-akhannouch-examine-agricultural-employment/.
(46) Zoubaida Senoussi “Angry Consumers Launch Campaign to Protest Steep Rise in Commodity Prices,” Morocco World News, 25 April 2018, accessed November 15, 2018, https://www.moroccoworldnews.com/2018/04/245107/campaign-sidiali-commodity-morocco/.
(47) Aziz Akhannouch Reacts to Online Boycott at SIAM, Morocco World News, Apr 26, 2018.
(48) L’Economiste TV, Boycott : Le Directeur Des Achats de Centrale Danone Présente Ses Excuses, accessed November 15, 2018, https://www.youtube.com/watch?v=TbzRSJV1svo.
(49) “ Centrale Danone lance une campagne de consultation,” Le Matin, August, 1, 2018, https://lematin.ma/express/2018/centrale-danone-lance-campagne-consultation/298193.html
ينشر بالإتفاق مع: