يفخر نجم موسيقى الراب المغربي طوطو “بالتطور الذي بدأ يعرفه هذا الفن” والذي صار نجومه في المملكة محط اهتمام كبريات دور الموسيقى العالمية، بعدما كان ينظر إليه “نظرة دونية”.
يعد طه فحصي (24 عاما) أو طوطو الفنان المغربي الأكثر نجاحا على منصة البث سبوتيفاي، حيث حصدت أغانيه أكثر من 20 مليون استماع في 92 بلدا العام الماضي. أما قناته على يوتيوب فتسجل أكثر من 186 مليون مشاهدة و1,7 مليون مشترك.
لا يمثل طوطو استثناء في المغرب حيث برز جيل جديد من مغن ي الراب أمثال عصام وداد وسنور ودوليبران أو الثنائي شايفين. أعاد هؤلاء النجوم الجدد رسم خريطة هذا الفن مبدعين إيقاعات رنانة وعوالم بصرية جذابة، مع حضور مدروس على مواقع التواصل الاجتماعي لإقامة روابط مباشرة مع جمهور واسع.
يلقب عصام حاريس (26 عاما) بـ”أمير التْراب”، كناية على هذا الصنف من الراب الذي رأى النور في أتلانتا الأميركية خلال سنوات الألفين، وارتقى إلى النجومية بفضل ألبومه “تراب بلدي” (تراب أصيل) العام 2018. سجلت هذه القطعة أكثر من 18 مليون مشاهدة على يوتيوب، وتمزج بين عناصر من الثقافة الشعبية المغربية وإيقاعات موسيقى الراي في فيديو كليب أنيق صوِّر في حي شعبي بالدار البيضاء.
ويقول “نحاول في الغالب نقل ما يفعله في الآخر، لكنني أظن أن من الأفضل الاستلهام مما يحيط بنا”. وهو معروف بأشعاره الغنائية ذات النبرة الشجية، امتدادا لما ميز أعمال قدوته مغني الراي الجزائري الراحل الشاب حسني، لكن مع إيقاعات الكترونية وفيديو كليبات مرتبة بعناية.
بفضل مواقع التواصل الاجتماعي التي تمثل “نقطة القوة” في صعوده، استطاع عصام “إقامة رابط” مباشر مع جمهور عالمي. وهو اليوم يحضر لإصدار أول ألبوماته في أبريل.
لا يقتصر صدى مغني الراب المغاربة على منصة سبوتيفاي، بل يتعداه إلى الجارتين الجزائر وتونس، وحتى أوروبا.
وتقول مسؤولة التواصل في منصة سبوتيفاي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا نوران حسن إن المملكة “بصدد التحول إلى قطب رئيسي في الإنتاج الموسيقي بالمنطقة”.
وتشير إلى أن بعض أغاني الراب المغربية سجلت “رواجا عالميا” مثل “مغير” (حزين بالدارجة المغربية) لطوطو، و”لوف نوانتيتي” (قليل من الحب بلهجة الإيكبو النيجيرية) التي أداها مع الفنان النيجيري سكاي.
يعتمد طوطو على منهجية جد بسيطة تتثمل في نصوص مستوحاة من تفاصيل حياته اليومية وولعه بالحشيشة وخصوماته مع فناني راب آخرين، معبرا عن كل ذلك بصوت موزون وألحان جذابة.
بدأت نجوميته على الصعيد المحلي بفضل أغنيته “بابلو” (كناية عن مهرب المخدرات الكولومبي بابلو إسكوبار) العام 2017، بينما صدر أول ألبوماته “كامليون” مارس، جامعا نخبة من نجوم الراب الأوروبيين، كالبلجيكيين دامسو وحمزة والهولندي عروبي والفرنسي ليفا.
رغم أن حركية الراب المغربي تظل حكرا على الرجال إلا أن بعض الفنانات استطعن أيضا البروز، مثل ختك (أختك) أو قرطاس النسا (رصاص النساء). وتوفر هؤلاء الفنانات نظرة جديدة أقل تمحورا على الذات بنصوص ملتزمة تتناول موضوعات التمييز ضد النساء والفوارق الاجتماعية والاعتداد بالنفس.
أما الفنانة سنووفلاك فنجحت في البروز منذ أكثر من عام بفضل ارتجالها قطعة راب دون عنوان “تحكي فيها دخولها المدوي إلى عالم الراب”.
يعود الفضل في اقتحامها هذا العالم إلى “الدينامية” التي أثارتها هذه القطعة المرتجلة، في حين “كان يبدو لي الأمر صعبا”، على ما تقول الفنانة التي تحضر حاليا لإصدار أول ألبوماتها في صيغة “إي بي” التي تتضمن قطعا قصيرة.
وتضيف الشابة التي تعمل في ميدان التواصل وتفضل الحديث باسمها الفني “نحتاج إلى سماع قصص نساء” في هذا الوسط الذي يغمره “التمييز ضد المرأة”.أما التهجم الذي تعرضت له على مواقع التواصل الاجتماعي فلا تلقي له بالا.
رغم الزخم الذي تشهده ساحة الراب إلا أن الصناعة الموسيقية المغربية ما تزال هشة، وذلك لغياب بنى تحتية قوية كقاعات العروض والمهرجانات أو دور الموسيقى المحلية والإذاعات المتخصصة…
وتقترح الدور الأجنبية عقود توزيع لا الإنتاج، كدار “بير ريكورز”، فرع شركة “سوني” الأميركية العملاقة التي وقع معها طوطو عقدا العام الماضي، أو “ديف جام آيلاند ريكوردز” فرع مجموعة “يونفرسال” الأميركية التي احتضنت عصام العام 2019.
أما الفنان أنور البوهالي الملقب بدادا (الأخ الأكبر بالأمازيغية) فيطمح إلى إنشاء استديو خاص به في مسقط رأسه مدينة أكادير (جنوب) التي يصفها بـ”المنكوبة ثقافيا”، وذلك بعدما فسخ في الآونة الأخيرة عقدا ربطه بدار توزيع فرنسية كبيرة.
ويقول الفنان المعروف بدفاعه عن الثقافة الأمازيغية “نجح الأمر معي فأحاول أن أساعد فنانين آخرين”. ويشتهر دادا أيضا بنصوص أغنياته القوية مثل “أرواس” (2018) التي يعبر فيها عن يأس جيل كامل بسبب الفوارق الاجتماعية، أو “فورتكس” (2020) التي يعلن فيها عشقه للحشيشة.