أمضت الكاتبة المصرية نوال السعداوي التي توفيت اليوم الأحد عن 89 عاما، حياتها في مشاكسة الساسة ورجال الدين بمعركتها ضد قمع المرأة والمحظورات الاجتماعية والجنسية.
وناضلت السعداوي وهي طبيبة نفسية وأديبة لها أكثر من خمسين كتابا ترجمت إلى حوالى ثلاثين لغة، لسنوات طويلة ضد الحجاب، وتعدد الزوجات وعدم المساواة بين حقوق الرجل والمرأة في الميراث.
كما عرفت بانتقادها الصريح لظاهرة ختان الإناث التي تطاول الأكثرية الساحقة من المصريات، بعدما خضعت لهذه العملية في سن السادسة.
وكتبت السعداوي المولودة في 27 أكتوبر 1931، في سيرتها الذاتية “منذ أن كنت صغيرة، فإن هذا الجرح العميق في جسدي لم يلتئم أبدا”.
وقالت السعداوي في حديث لها لوكالة فرانس برس في العام 2015 “لا أهتم بالنقاد الأكاديميين أو الناس الذين يكتبون مقالات نقدية. لا هم ولا الحكومة سبق وأن قدروني بشكل كاف”.
وأضافت الكاتبة الحائزة على جوائز عالمية “الشبان والشابات في كل مصر وفي الخارج هم الذين أغرقوني بحب وتقدير هائل”.
ومن مؤلفاتها كتابا “المرأة والجنس” و”امرأة عند نقطة الصفر” اللذان أثارا ضجة كبيرة بسبب حساسية الموضوعات المطروحة بهما.
ووجهت السعداوي، التي تزوجت وطلقت ثلاث مرات، انتقادات لاذعة للمحظورات الدينية. كما عارضت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، والتي اتهمتها باختطاف ثورة 2011.
وكانت السعداوي ضمن مئات آلاف المتظاهرين المصريين في ميدان التحرير، مهد الثورة المصرية التي أسقطت الرئيس المصري الراحل حسني مبارك.
وبعد الإطاحة بمبارك، أصبح الإسلامي محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين أول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا في تاريخ البلاد في يونيو 2012.
إلا أن الجيش الذي كان يقوده آنذاك عبد الفتاح السيسي أطاح به في يوليوز 2013 بعد تظاهرات حاشدة ضد حكمه الذي شابه الاضطرابات والانقسام. وانتخب السيسي، الذي تقاعد من الجيش، رئيسا للبلاد بأغلبية ساحقة في العام 2014.
وقالت السعداوي إن مصر في وضع أفضل من دون وجود “الأصوليين الإسلاميين” في السلطة.
وقد واجهت السعداوي بفعل آرائها الصريحة مشكلات متكررة مع السلطات، إذ سجنت ثلاثة أشهر بعد قرار الرئيس أنور السادات اعتقال رموز الفكر في مصر قبيل اغتياله في 1981.
كما كانت هدفا للمتشددين الإسلاميين، فاسمها كان على لائحة اغتيالات تضمنت الكاتب المصري الحائز جائزة نوبل في الأدب نجيب محفوظ، والذي طعن وجرح في محاولة اغتيال في العام 1994.
وبسبب التهديدات، اضطرت لمغادرة مصر في 1993 نحو جامعة ديوك في ولاية نورث كارولينا الأميركية حيث عملت ككاتبة مقيمة في قسم اللغات الآسيوية والإفريقية لثلاث سنوات.
ومع عودتها لمصر، أعلنت نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية في العام 2005 لكنها انسحبت لاحقا قائلة إن الأمن منعها من إقامة فعاليات انتخابية.
وفي العام 2007، دخلت في صدام مع الأزهر الذي دان مسرحيتها “الإله يقدم استقالته في اجتماع القمة”، متهما إياها بـ”إهانة الإسلام”. ودفع ذلك بالسعداوي إلى مغادرة البلاد مجددا قبل أن تعود بعد عامين.
وكانت السعداوي الأم لابن وابنة، قبل عقدين محور دعوى قضائية رفعها ضدها أحد المحامين من أجل تطليقها من زوجها آنذاك لاتهامها بالارتداد عن الإسلام. غير أن محكمة الأحوال الشخصية في القاهرة رفضت الطلب.
وشغلت خلال مسيرتها أيضا مناصب إدارية وأكاديمية عدة في مصر، كما أسست جمعيات أدبية، وكانت لها تجارب في عالم الصحافة.
وقالت السعداوي بفخر “يمكنني أن أصف حياتي كحياة مكرسة للكتابة، رغم كوني طبيبة. إلا أنني ورغم كل العوائق، استمريت في الكتابة”.