ندوة.. سياسيون وحقوقيون يدعون إلى إنهاء استهداف الأصوات النقدية باستعمال القضايا الجنسية
أجمع حقوقيون وسياسيون مغاربة على ضرورة تحقيق انفراج سياسي وحقوقي في البلاد لتخفيف الاحتقان الذي يعرفه المغرب، وذلك بإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي وعلى رأسهم الصحافيون المعتقلون في ملفات وصفها المشاركون في ندوة إلكترونية -نظمتها لجنة التضامن مع الصحافي سليمان الريسوني حول الاعتقال السياسي في المغرب انطلاقا من حالة الريسوني- بأنها “مصنوعة”، وأكد المشاركون أن استمرار هذا النمط من شأنه الإساءة إلى صورة المغرب .
إسماعيل العلوي: ” جنوح لا يمكن أن نقبل به “
تمنى مولاي اسماعيل العلوي، السياسي اليساري البارز والوزير السابق أن لا ينجر المغرب إلى طريق العودة إلى وضعية شبيهة بتلك التي مر بها سابقا، ” مر المغرب من فترات قاسية استطاع تجاوزها، ولا نريد أن نجد أنفسنا في وضع مثل ذلك الذي مررنا به، لا نتمنى تكرر ما حصل ..هناك حالات ترعبنا وتجعلنا نتخوف من إعادة ما كنا عليه في الماضي”، يتحدث الزعيم السابق لحزب التقدم والاشتراكية، الذي يعتبر أن حرية التعبير والرأي هي جوهر كل الحريات الجماعية والفردية، وبالتالي فإنه “لابد أن تولى كل الاهتمام وأن يتم السعي إلى صيانتها بشكل تام ومطلق، والصحافيون مؤتمنون على هذه الحرية، وبالتالي فإن كل ما يهمهم يهم كل وطني غيور على الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وإذ صفق اسماعيل العلوي لقرار الإفراج عن المؤرخ المعطي منجب بعد حوالي 3 أشهر قضاها في السجن، تأسف لوجود مناضلين وصحافيين في السجن لتعبيرهم عن آرائهم، مشيرا إلى أنهم لا يستحقون أن يعاملوا بهذا الأسلوب. ” فعلا هناك عدد من الترهات التي تقدم من أجل المس بحقوق وحريات بعض الإخوة، هناك عدد من الجوانب التي تمس حقوق المواطنين وتمس صحة ما هو ملفق لهم في بلد يسعى لأن يؤسس لديمقراطية متطورة، أحيي سليمان الريسوني وكل من هو يخضع لهذا الأسلوب من التعامل الذي يجب أن لا يبقى موجودا “، يردف اسماعيل العلوي.
بالنسبة إلى العلوي فإن توسيع الهوامش هو أساس الديمقراطية الحقة، كما أن الاجتهاد من أجل توسيع الحريات هو واجب كل مواطن ومواطنة، وهو بالتالي لا يتفهم ما يصفه ب ” وجود تسلط على بعض الأشخاص لا لشيء سوى لأنهم يعبرون عن آرائهم بكل حرية ووضوح طبقا لما ينص عليه الدستور ولما نعرفه نحن من تطور للحياة الديمقراطية منذ مدة منذ العهد الجديد ومكتسبات مهمة حصل عليها شعبنا بفضل نضال أبنائه وبناته”.
في تقدير اسماعيل العلوي تحقيق اختراق في ملف الحريات، ووضع حد لهذا التدهور الذي يلاحظ بشكل جلي يمر عبر جمع شمل كل الديمقراطيين، “سيمكننا إذا ما نسقنا فيما بيننا أن نعيد الأمور إلى نصابها لأن الحرية هي أساس التعايش في دولة تريد لنفسها أن تكون دولة الحق والقانون، أنا متيقن أن جمع شمل كل القوى الديمقراطية ستمكننا مما مكنته مثلا فترة تكوين الكتلة الديمقراطية في مطلع التسعينيات، هذا هو الطريق الأنجع لردع كل من يريد أن يعود بنا إلى الوراء وما أكثرهم ..إذن أرى من الضروري جمع شمل كل الديمقراطيين في البلد حتى لا يبقى هذا النوع من الجنوح الذي لا يمكن أن نقبله وأن تصل بلادنا إلى الهاوية وبلادنا ليست في حاجة إلى ذلك نظرا لظروفنا الداخلية والإقليمية “.
بوغنبور : هناك إجماع على أن الغرض من الملف هو إسكات الريسوني
عبد الرزاق بوغنبور، الرئيس السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان، ومنسق لجنة التضامن مع الصحافي سليمان الريسوني، اعترف بأن لجنة التضامن مع الصحافي الريسوني واجهت صعوبة في البداية لتوضيح طبيعة هذا الملف المفبرك. ” التيمات المحددة في قضايا المنتقدين للوضع هي إما تيمة خدمة أجندات أجنبية أو الجنس، في قضية الريسوني كنا مجددا أمام تيمة الجنس لكن في ارتباطها بقضية حقوق المثليين، وما يخلقه ذلك من إحراج مع المنتظم الدولي، وفي البداية كانت فعلا هناك صعوبات في إقناع الناس، لكن مع مرور الوقت اتضح الأمر للرأي العام، حيث أصبح هناك إجماع وطني ودولي على أن هذا الملف حيك بهدف إسكات الريسوني”، أوضح بوغنبور.
وعن مسار الملف الذي من المنتظر أن يشهد جلسة جديدة بعد بضعة أيام، تابع بوغنبور : ” اليوم نقترب من مرور سنة على اعتقال الصحافي سليمان الريسوني، ومحاكمته لم تبدأ بعد، وهذا وحده دليل على أن اعتقاله تعسفي يراد منه تربيته، نأمل أن لا يتم تأجيل هذه المحاكمة مجددا لأن تأجيلها لا يخدم سليمان الريسوني، فنحن نعرف أن جميع طلبات السراح المؤقت تُرفض إمعانا في إبقاء الريسوني أطول مدة ممكنة في السجن، وحرمانه بالتحرك بحرية للدفاع عن نفسه رغم توفره على جميع الضمانات الضرورية، في حين يتحرك الطرف الآخر بكامل حريته”.
نبيلة منيب: “نخشى تحول البلاد إلى امبراطورية خوف “
من جهتها، اعتبرت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب أن الأوضاع التي تعيشها البلاد توشك على الانفجار، “شهدنا في المغرب الذي يعيش انتقالا ديمقراطيا أبديا وخصوصا خلال محطة الجائحة رجوعا كبيرا للسلطوية، وضرب الحريات وبالتحديد حرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي، فقد لاحظنا سابقا الأحكام الجائرة التي استهدفت نشطاء الريف وغيرها من الاحتجاجات، واليوم هذه المتابعات والمضايقات التي تستهدف سياسيين ونقابيين وصحافيين، وهذه مسألة جد مخيفة “، تشير منيب التي ترى أن الدولة اختارت المقاربة الأمنية الشرسة لمواجهة الأزمة الاجتماعية المركبة التي يعرفها المغرب.
الحل من وجهة نظر منيب يتمثل في مصالحة تاريخية وإحداث قطائع نهائية بين شمال المغرب وجنوبه، ومع هذه الأساليب التي تستعملها الدولة والكف عن المحاكمات غير العادلة وضرب قرينة البراءة واستعمال جزء من القضاء لقمع المعارضين، وحصول انفراج سياسي واجتماعي ينطلق بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والصحافيين.
“شروط المحاكمة العادلة في حالة سليمان الريسوني غير متوفرة، حيث رفضوا متابعته في حالة سراح في حين أنه لا توجد قرائن ثابتة ضده .. إذا نظرنا إلى تعريف الاعتقال السياسي فإننا نجد كذلك أنه هو ذلك الذي تستعمله دولة متسلطة لمحاربة معارضيها، و لتبرير اعتقال شخص ما يتم المس بالحرية والكرامة بتلفيق اتهامات لا يتسامح معاه الشعب ويصبح اعتقاله مقبولا لدى الرأي العام، وهذا ما رأيناه مؤخرا من خلال تلفيق تهم مرتبطة بالجنس”، تستطرد منيب التي تخشى من تحول البلاد إلى إمبراطورية الخوف والتخويف .
منيب هي الأخرى ترى ضرورة الحاجة إلى جبهة وطنية سياسية للدفاع عن الحقوق والحريات، ” لا يمكن أن ننتقل من فاعلين سياسيين إلى متفرجين سياسيين على الردة الحقوقية التي تعرفها بلادنا، هذا يتطلب تشخيصا دقيقا وتجميع القوى الديمقراطية والمناضلة القادرة على الضغط في هذا الاتجاه، و ما أحوجنا لكتلة ديمقراطية بميثاق الكتلة الديمقراطية الذي يقول بعدم السماح بذهاب بلادنا إلى الهاوية، نحن في حاجة إلى تعاقد اجتماعي جديد للحد من هذه المقاربة الأمنية القمعية، فلا يمكن أن تواجه احتجاجات سلمية بمطالب مشروعة بالقمع الشرس ولا يمكن أن يواجه التعبير والرأي الحر بالانتقام والانتقائية والاعتقال التعسفي والمحاكمات الصورية ..ننتظر الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وأن نطوي هذه الصفحة لأن في ذلك مصلحة للوطن واستقراره وأمنه، و لا نموذج تنموي بدون حرية “، تسترسل منيب.
علي بوطوالة: ينبغي وضع حد لهذا المسلسل الرديء الإخراج
بدوره جدد علي بوطوالة الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي مواقف حزبه المنادية بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وذلك من أجل إعادة الثقة التي أصبحت تفتقد يوما بعد يوم في المؤسسات، مشيرا إلى البعد التعسفي والانتقامي لمتابعة سليمان الريسوني وشبيهاتها من المتابعات.
“في العهد السابق كان هناك قمع سياسي مباشر ومحاكمات لكن كان ذلك بصريح العبارة، كنا نعتقل ونحاكم بسبب مواقفنا السياسية، بسبب مطالبتنا بالتغيير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، الأخطر الآن هو اللجوء إلى أسلوب جديد متمثل في شيطنة المعارضين وتشويه سمعتهم أمام الرأي العام الداخلي والخارجي لعزلهم واستعمال اعتقالهم كوسيلة ردع لتخويف وترهيب كل من يتخذ نفس المواقف”، يستنكر بوطوالة.
يرى بوطوالة أن الإعلام سلاح فعال، ولذلك تلجأ الأنظمة السلطوية لاحتكاره منعا لأي رأي مخالف حتى لو كان محدود الانتشار مثل الصحافة المكتوبة،”هذا شيء مؤلم لأنه يتم اللجوء لآلية القمع لتدبير التناقضات والاختلافات وضبط الرأي العام، ذلك مؤشر قوي على غياب الديمقراطية مهما كانت الدعاية والتصريحات الداخلية والخارجية، فهذا النوع من الاعتقالات والمحاكمات يكشف بالملموس للرأي العام هشاشة الوضع الديمقراطي خصوصا باللجوء إلى نوع من التهم التي لم تكن مألوفة في بلادنا .. يتم إخراج مثل هذه التهم من قبيل تهم الاغتصاب لأن الرأي العام الغربي له حساسية كبرى تجاه هذه التهم، في ذلك محاولة لمنع وحجب التعاطف الرأي العام الدولي والمنظمات الحقوقية مع المستهدفين بهذه القضايا”.
ويعتقد الزعيم اليساري أن هذه الحالات المتكررة أصبحت مزعجة ومخيفة ومملة، حيث وصلت إلى حد الابتذال، “ينبغي وضع حد لهذا المسلسل الرديء الإخراج والخاسر الكبير فيه هو المغرب، يخسر سمعته الدولية ومصداقية خطابه، وينبغي التوقف عند هذا الحد”، يتمنى بوطوالة .