النموذج التنموي: الاندماج الإثنو-ثقافي كمحدد للتنمية المحلية
من التوجهات الاستراتيجية، المهمة التي جاء بها تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، الاعتراف بـ”الدوار” كوحدة ترابية وتعزيز مشاركة سكانها: والذي يهدف انطلاقا من “برنامج محاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية بالعالم القروي في الاعتراف بالدوار كمنطلق وذل بتنسيق مع الجهات المعنية”. حيث سيمكن هذا الاعتراف، حسب توصيات اللجنة دائما من “جعل الدوار وحدة ترابية تقرب الساكنة المحلية من السياسات العمومية التي تخصها. وفي هذا الصدد، سيكون من الأمثل وضع نظام معلوماتي موضعي ومحين بصفة منتظمة عبر إحداث مرصد خاص بجمع المعطيات على مستوى كل دوار يمكن من الحصول على معلومات موثوقة تساعد على تسهيل اختيار السياسات العمومية على المستوى المحلي”. وبما في ذلك توصية “إحداث لجان على مستوى الجماعة تضم ممثلين عن مختلف الدواوير” (المذكرات الموضوعاتية، ص: 200)، وهو ما سيساعد على تثمين الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات القروية.
هذا الإصلاح “الميكرو-قروي” ضروري لتنمية قروية حقيقية، في ظل الاستعانة بمشروع الجهوية المتقدمة، الورش الذي بدأ تنزيله من خلال مراجعة قوانين الجماعات المحلية والجهات (سنة 2015)، لكن بصيغة لم تذهب حد ما اقترحته اللجنة الخاصة بالجهوية سنة 2010، بـ”اقتراح إسناد مجموعة من الاختصاصات للمُنتخب المحلي في تدبير الشأن العام على مستوى الجهة، وذلك بانتخاب رئيس الجهة بشكل مباشر والإسناد إليه صلاحيات إدارية ومالية مهمة، بحيث أصبح رئيس الجهة، وفقا لمقترح اللجنة الاستشارية، آمرا بصرف ميزانية الجهة” (تقرير لجنة الجهوية المتقدمة، 2010). ما نتج عن هذا التقرير بتضمين دستوري سنة 2011،في الفصل 135 الذي نص على أن ” الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات”. و أن “الجماعات الترابية أشخاص معنوية، خاضعة للقانون العام، وتسير شؤونها بكيفية ديمقراطية”، و “تنتخب مجالس الجهات والجماعات بالاقتراع العام المباشر”، كما يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، وفق الفصل 145 من دستور 2011، السلطة المركزية في الجماعات الترابية، ويعمل “الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية”.
في هذه الورقة سنقدم خلاصات أطروحة دكتوراه نوقشت سنة 2014 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – عين الشق، الدار البيضاء، بعنوان: “البنيات الاجتماعية بالأطلس الكبير الأوسط: مساهمة سوسيو- سياسية لدراسة تدبير المشترك الجماعي ( قبائل أيت بوكماز نموذجا)”:
في سياق إبراز رؤية السلطة السياسية بالمغرب لمشروع “المجتمع الديمقراطي الحداثي” المندمج بين مختلف مكوناته نورد مسلسل الإصلاحات المؤسساتية الجارية التي تدور حول المفهوم الجديد للسلطة، الذي يتطلب تغييرات عميقة في اتجاه اللامركزية واللاتركيز، ستفضي إلى نمط جديد للتدبير يقوم على أساس تعاقدي يحترم الخصوصيات المحلية، ويقتضي تنفيذ السياسة التعاقدية تقطيعا جهويا ملائما، يؤمن في نفس الوقت تحقيق الارتباط بين أقطاب النمو والمناطق ذات الأوضاع الصعبة، ومراعاة الإنصاف بضمان تمثيلية كافة أصناف المجالات، وهذا المعيار يعني خاصة «المجالات الجبلية والواحات» التي يتعين التعامل معها ككيانات لها خصوصيتها، وليس كملحقات للمناطق ذات الكثافات السكانية العالية.
الجهة والجهوية بالمغرب كتقطيع ترابي وكتدبير للمجال ونهج للامركزية كانت محط دراسات معمقة من ثلاث زوايا، تشخيصية عكسها التصميم الوطني لإعداد التراب سنة 2003 وتقييمية أبرزها تقرير الخمسينية سنة 2005 ، واستشرافية من خلال كتاب «مغرب الجهات» الذي أصدرته سنة 2008 المندوبية السامية للتخطيط .
فالتصميم الوطني لإعداد التراب شكل وثيقة أساسية ومرجعية بالنسبة لكل المتدخلين، سواء القطاعات العمومية أو الفاعلين الاقتصاديين أو جميع مكونات المجتمع، وهي وثيقة موجهة للسياسات العمومية للدولة في تدبير التراب الوطني وتنظيم المجال وتحقيق التنمية المستدامة، وتبعا لذلك حدد التصميم الوطني لإعداد التراب ثلاثة معايير للتقطيع الجهوي التي يمكن اختزالها فيما يلي:
- الإنصاف الاجتماعي، النجاعة الاقتصادية، والاستدامة. وهذا يعني أن هناك ثلاثة أهداف يتعين أن تتحقق في أي تراب:
- أن يوفر لساكنته شروط العيش الكريم أي تلك التي تتطابق والمواصفات المعيارية المعمول بها.
وهذا يحيل إلى مسألة التجهيزات العمومية “الصحة ، التربية ، النقل” والتجهيزات الضرورية للحياة اليومية “السكن ، الماء الشروب، الكهرباء…”.
- أن يساهم في التنمية الاقتصادية للبلاد، وأن يوفر نصيبه من القيمة المضافة، وأن يخلق مناصب شغل لفائدة ساكنته النشيطة.
- أن يحقق تنميته بكيفية مستدامة، من خلال المحافظة على الموارد والأوساط الطبيعية والحرص على ضمان مختلف التوازنات الداخلية على المدى البعيد.
غير أن من الضروري عدم إغفال كون بلادنا توجد في مرحلة انتقالية، فهي بصدد المرور من النظام الاقتصادي التقليدي إلى الحداثة وعصرنة الهياكل، و يتضمن الانتقال أربعة أبعاد:
التحول الديمغرافي : يشمل هذا التحول تغييرا في المؤشرات كما في القياسات، ففي ظرف قرن من الزمن انتقلت ساكنتنا من 5 إلى 30 مليون نسمة. كما أن سكان التجمعين الحضريين للرباط والدار البيضاء يتجاوزون في الوقت الراهن ساكنة المغرب سنة 1900 .
الانتقال المجتمعي: يعني تغييرا في السلوكيات كما في المواصفات التي تحكم الحياة الاجتماعية، وخاصة ما يتعلق منها بتمثل الفرد والأسرة، وتجدر الإشارة بهذا الخصوص إلى أن آليات الانتقال المجتمعي تنتشر بكيفية متفاوتة عبر أرجاء التراب الوطني.
الانتقال الاقتصادي : يتمثل في تراجع الفلاحة المعاشية لفائدة الصناعة والخدمات، وإذا كان المغرب قد حقق تقدما في هذا الاتجاه، فإن الإقلاع الاقتصادي لم يتم بعد، كما لازال مستوى عيش غالبية السكان مطبوعا بالركود.
الانتقال الجغرافي : يكمن في انقلاب النسب بين السكان القرويين والسكان الحضريين، فإذا كان هؤلاء السكان الحضريون يمثلون 8 في المائة من ساكنة البلاد في بداية القرن العشرين، فمن المرتقب أن تبلغ النسبة 85 في المائة في ظرف العقدين أو الثلاثة عقود المقبلة،وهذا يعني أنه مع نهاية الدورة ستعود ساكنة العالم القروي إلى المستوى الذي كانت عليه في بداية القرن، أي 5 مليون نسمة، بينما من المنتظر أن يصل سكان المدن إلى 34 مليون نسمة.
الانتقال الرقمي: اعتماد الإدارة الرقمية من خلال خلق منصات توضح المساطر والإجراءات الإدارية للمرتفقين، مع تبسيطها واعتماد الخدمات الإلكترونية لاسيما بعد الأزمة التي أظهرها وباء كوفيد-19. مع أخذ بعين الاعتبار تواجد هذه الخدمات في أصغر وحدة ترابية وهي: الدوار.
من هنا تطرح مسألة الجهوية بقوة – حسب التصميم الوطني لإعداد التراب وذلك لثلاثة أسباب متداخلة فيما بينها :
بنية التراب الوطنية المتميزة بين أقطاب النمو ومناطق الظل الآهلة بالسكان والمتموقعة في أغلبيتها قرب هذه الأقطاب. وسيشمل الدور الأساسي للجهات في ربط هذه النطاقات بالأقطاب لتأمين انتشار التنمية وتماسك المجتمع. ذلك أن مسلسل العولمة يحمل خطرا نحن جميعا على معرفة جيدة به، يتمثل في التجزيء بين التراب والمجتمع، ليس فقط بين الفقراء والأغنياء، ولكن بين من هم داخل حركة التطور ومن هم مقصيون منها، وما يزيد هذا الخطر حدة، كون الميدان مهيئا تماما لمثل هذا التجزيء .
ومن جهة أخرى، فالإصلاحات المؤسساتية الجارية التي تدور حول المفهوم الجديد للسلطة الذي يتطلب تغييرات عميقة في اتجاه اللامركزية واللاتركيز، ستفضي إلى نمط جديد للتدبير يقوم على أساس تعاقدي، ويقتضي تنفيذ السياسة التعاقدية مسبقا تقطيعا جهويا ملائما، يؤمن في نفس الوقت، تحقيق الارتباط بين أقطاب النمو والمناطق ذات الأوضاع الصعبة، مراعاة الإنصاف ضمان تمثيلية كافة أصناف المجالات، وهذا المعيار يعني خاصة «المجالات الجبلية والواحات» التي يتعين التعامل معها ككيانات لها خصوصيتها، وليس كملحقات للمناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
وعلى أية حال، فإعداد التراب في حاجة لإطار للتفكير الجهوي، يحدد على الأقل نطاقات للدراسات المتعلقة بإعداد التراب، وإن أمكن استعمال هذا التقطيع لاحقا لأغراض أخرى،فسيكون ذلك مفيدا بكل تأكيد. هذا، ولقد تمت بلورة الإطار الجهوي للمخطط الوطني لإعداد التراب على أساس نتائج دراسات متنوعة، تناولت مواضيع متعددة كالنقل “تدفق الأشخاص والسلع”، حركات هجرة السكان، والنمو الديمغرافي.
ويرتكز التقسيم الجهوي – حسب التصميم الوطني لإعداد التراب – على مبدأين :
يجب التمييز بين المجالات القاحلة و المجالات كثيفة السكان لاعتبارات مؤسساتية، ويشكل إقليم فكيك الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة، ويقترح التصميم بقاءها مجمعة مع وجدة لأسباب ترتبط بالوزن الديمغرافي وبالمحافظة على وحدة المنطقة الحدودية، ذلك أن الجهات – حسب هذا التصور- هي إطار لترقية المراكز الحضرية التي تستدعي العمل على تنميتها.
ويؤكد التصميم على معالجة المجالات الكثيفة السكان انطلاقا من مبادئ الشراكة بين أقطاب النمو ومناطق الاستقطاب والمجالات الهامشية، وتقودنا هذه الاعتبارات إلى تجميع الأقاليم في أربعة عشر جهة لإعداد التراب.
يُتوخى من هذه المقاربة التأكيد على أن الجهات تم تشكيلها على أساس الاستقطاب الحضري، الأمر الذي لا ينفي وجود مناطق أحادية القطب لكن يظل البحث عن مناطق متعددة الأقطاب أو على الأقل بثنائيات قطبية هدفا أساسيا.
في ظل الظروف الراهنة للمغرب، يشكل التحديد الجغرافي للجهات مسألة أساسية في إعداد التراب، وذلك بسبب عدة اعتبارات، فالجهات عندما ستبلغ مستوى كاف من النضج وتحقيق وتيرة عمل مرضية، ستتحول عندئذ إلى أحد أهم الفاعلين في ميدان التراب، ولن تتمكن الجهات من أداء هذا الدور بالفعالية الضرورية، إلا إذا كانت مهيأة للقيام بهذه المهمة .
وحسب خلاصة التصميم الوطني لإعداد التراب، فإن رسم الحدود الجغرافية للجهات ليس مجرد عمل تقني من اختصاص الخبراء، كما أنه لا يجوز أن نوكل هذا العمل للقواعد، من خلال تبني اختيار الجماعات للجهة التي تريد الانتماء إليها. فالتحديد المجالي للجهات يجب أن ينبثق عن منطق صريح يعكس اختيارا سياسيا للدولة.
فقد عرف المغرب تعاقب وتراتب عدة تقطيعات جهوية مرتكزة على منطق متباين يأتي على رأسها المنطق الأمني والمنطق التكنوقراطي، وهكذا ظهرت الخرائط الجهوية الأولى في العهد الاستعماري، وكان هدفها عسكريا واضحا، وهو التحكم في التراب بالمعنى المباشر الصريح للكلمة. أما التقسيمات الموالية، فلم تعمل سوى على تكميل أو تعديل التقسيم الاستعماري بدون أي تغيير للأسس التي كان يرتكز عليها.
وفي المقابل سيظهر خطاب مختلف حول موضوع التنمية الاقتصادية، حيث أصبح تحديد الجهات يهدف إلى خلق إطارات لهذه التنمية، ولتحقيق هذا المبتغى دافع أصحاب هذا الطرح على جهات تجمع أوساط مختلفة ومتنوعة المؤهلات، تبدأ بالصحراء وتنتهي بالساحل، فالوجه المثالية حسب هذا المنظور هي تلك التي تتقاطع مع جميع الأوساط الطبيعية للبلاد، من الصحراء إلى المحيط أو البحر، وقد أفرزت هذه المقاربة خريطة غريبة للجهات تمتد بشكل متعامد مع منظومة التضاريس المغربية، الشيء الذي أعطانا أشكالا لجهات تمتد من فكيك إلى البحر المتوسط، ومن تافيلالت إلى مكناس، ومن دادس إلى أكادير.
لذلك فإن تنظيم المجال الترابي وعقلنة التقطيع الجهوي في بلورة و توجيه السياسات العمومية يشكل عنصرا مفتاحيا في تحول دور الدولة و صياغة السياسات المندمجة الراسخة والتشاركية، كما أنه يعد عنصرا مفتاحيا لحكامة التنمية البشرية، وإرساء ثقافة الديمقراطية المحلية.
قبيل النقاش الدائر في الفضاء العام، حول الجهوية الموسعة، وإرساء لديمقراطية محلية تسير فيها الجهات نفسها بنفسها، خصص عبد الله العروي، في كتابه “من ديوان السياسة”، (العروي، 2009. ص: 126-129) فقرة لمناقشة مضمون الديمقراطية المحلية، وكيف يمكن تقديم تأويل ديمقراطي للدستور المغربي، عبر من خلال إعادة حق التفويض إلى صاحبه، وبالتالي وضع موقف جديد من السلطة المحلية، بمنظور مستقبلي..
يخلص العروي من خلال استحضاره للمعطي التاريخي لأغلب جهات المملكة، اختزال 16 جهة إدارية اليوم إلى عشرة جهات تتوخى التكافؤ الاقتصادي والتكامل الاجتماعي مع الحرص على عدم المس بالوحدات الطبيعية (القبائل)، وتحاشي كل إشارة إلى أي عمق تاريخي في تسمية الجهات، والاحتراس نفسه الذي يلاحظ في فرنسا منذ ثورة 1789، ليكون بذلك حل المشكلات المتعلقة بالحقوق الجماعية، يسجل العروي، من لغة إلى توزيع الخيرات مرورا بالتعليم والتجهيز، في يد أولئك الذين يتضررون منها بشكل مباشر على المستوى المحلي، وليس وضعها في النقاش على المستوى المركزي.
بتاريخ 3 يناير 2010، أعلن الملك محمد السادس في خطاب موجه إلى “الأمة”، عن تشكيل لجنة استشارية للجهوية الموسعة، قامت بإعداد تصور شامل عن كيفية تنزيل “جهوية موسعة” تتميز فيها الجهة بصلاحيات واسعة في تدبير الشأن المحلي، بعد استشارة الهيئات النقابية والسياسية والجمعوية…
وخلصت اللجنة في تقريرها العام، المرفق بمجموعة من الدراسات الموضوعاتية، إلى اقتراح اسناد مجموعة من الاختصاصات للمُنتخب المحلي في تدبير الشأن العام على مستوى الجهة، وذلك بانتخاب رئيس الجهة بشكل مباشر والإسناد إليه صلاحيات إدارية ومالية مهمة، بحيث أصبح رئيس الجهة، وفقا لمقترح اللجنة الاستشارية، آمرا بصرف ميزانية الجهة، فهذا التصور، الذي قام باقتراح تقليص عدد الجهات الحالية من 16 جهة إلى 12 جهة تتميز بالتكامل الاقتصادي والتجانس الاجتماعي، مع التوصية بإحداث صندوق للتضامن بين الجهات، وقد عُرض هذا التصور/ المشروع على الملك محمد السادس في مارس 2011، وعقبه خطاب 9 مارس 2011 الذي أعلن فيه عن إجراء مراجعة دستورية شاملة، تبوأت فيها الجهة مكانة محورية، تعزز مسار الديمقراطية المحلية، ليخصص الباب التاسع من الدستور الجديد الذي عرض على الاستفتاء الشعبي في الفاتح من يوليوز 2011، للجهات والجماعات الترابية، لينص الفصل 135 من الدستور على أن ” الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات”. و أن “الجماعات الترابية أشخاص معنوية، خاضعة للقانون العام، وتسير شؤونها بكيفية ديمقراطية”، و “تنتخب مجالس الجهات والجماعات بالاقتراع العام المباشر”، كما يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، وفق الفصل 145 من دستور 2011، السلطة المركزية في الجماعات الترابية، ويعمل “الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية”. كما “يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية”. ويقوم “الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها”.
وأحال الدستور الجديد على القانون التنظيمي المتعلق بالجهات واختصاصاتها وطرق تدبيرها والنظام المالي للجهات، و مصدر الموارد المالية للجهات وللجماعات الترابية الأخرى، وهو القانون الذي مازال ينتظر المصادقة عليه من أجل تنزيل وتفعيل مقتضيات الدستور الجديد بشأن الجهوية الموسعة، وما يليه ذلك من فتح نقاش عام حول الجهوية الموسعة، وطرق تنزيلها، كما جاء في الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء بتاريخ 6 نونبر 2012 الذي أكد فيه الملك محمد السادس، الالتزام “بتفعيل الجهوية المتقدمة، وجعل أقاليمنا الجنوبية في صدارتها٬ لما تتيحه من مشاركة السكان في تدبير شؤونهم المحلية٬ ومساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة٬ ولما توفره من أجواء تعبوية٬ تقوم على حركية مجتمعية واعدة٬ تفرز نخبا جديدة٬ لاسيما من النساء والشباب٬ في إطار تداول ديمقراطي مفتوح على السلطة”.
وكخلاصة، وبالعودة إلى أهداف اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد المتوخاة لعطاء معنى حقيقي للجهوية المتقدمة، عبر “تسريع نقل الاختصاصات والسلطات إلى المجالات الترابية؛ وضع أدوات وآليات للتنشيط الاقتصادي بدعم من الهيئات الترابية؛ تعزيز الموارد الذاتية للجماعات الترابية، خاصة من خال تنويع مصادر التمويل وتحسين مردودية الجبايات المحلية؛ تقوية مخصصات الجماعات الترابية من الموارد البشرية المؤهلة” (المذكرات الموضوعاتية، ص: 177). تبقى بدون جدوى من غير “اندماج الوحدات الإثنو ثقافية في النسيج الاجتماعي والسياسي والإداري الوطني”، وإعطاء الأولوية لتنمية الدوار من خلال إشراك هذه الوحدات في عملية تدبير وتسيير الموارد الطبيعية، التي ستضفي إلى تنمية محلية حقيقية ومستقلة.