صحافة البحث

[تحليل].. قيس سعيد يُدخل تونس إلى المجهول

- الإعلانات -

يقدر خبراء أن قرار الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد أعمال البرلمان لثلاثين يوما وتولي السلطة التنفيذية من شأنه أن يدخل البلاد في المجهول وأن استمرار مسار الديموقراطية رهن بالوقت الذي ستستغرقه التدابير الاستثنائية.

ودخل منذ ستة أشهر في خلافات حادة مع رئيس حزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية راشد الغنوشي وهو أيضا رئيس البرلمان الذي تملك النهضة فيه أكبر كتلة برلمانية تضم 53 نائبا من أصل 217.

تواصل الخلاف في ظل غياب حوار سياسي بين الأطراف السياسية في البلاد. واندلعت الأحد، احتجاجات في عدد من الولايات ضد حكومة هشام المشيشي الذي تدعمه النهضة على خلفية سوء إدارة الأزمة الصحية وارتفاع عدد الإصابات والوفيات بكوفيد-19.

في خطوة مفاجئة ليل الأحد-الاثنين، وإثر اجتماع مع قيادات أمنية وعسكرية، أعلن قيس سعيد وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة إعفاء المشيشي وتجميد أعمال البرلمان.

تواترت في المدة الأخيرة دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمجموعات غير معروفة تنادي بحل البرلمان وتغييره وبمرحلة انتقالية جديدة وفتح المجال للجيش للتدخل وبقاء سعي د في الرئاسة.

من الاحتجاج إلى حالة استثناء بنفس “انقلابي”

بالاضافة إلى ذلك تنامت لدى الرأي العام في تونس مشاعر الامتعاض والغضب من سوء إدارة الأزمة الصحية في البلاد. وكانت صور المشيشي الذي كان يقضي عطلة نهاية الأسبوع رفقة عدد من الوزراء في منطقة ساحلية القطرة التي أفاضت الكأس أمام تصاعد نداءات الاستغاثة من قبل الأطقم الطبية في المستشفيات ونفاد الأكسجين فيها.

فاقمت الأزمة الصحية من تأزم الوضع الاجتماعي في البلاد بعد أن عجزت الحكومات المتعاقبة من اجراء الاصلاحات الاقتصادية اللازمة التي تضمن العيش الكريم للمواطنين.

كما أن تونس المثقلة بالديون والتي تكبد قطاع السياحة فيها خسائر كبيرة تفاوض حاليا من أجل برنامج دعم رابع من صندوق النقد الدولي يمتد على 10 سنوات.

وإن كان سعيد يحظى بشعبية واسعة لدى التونسيين، غير أن أصوات محتجة انتقدته لعدم اتخاذ قرارات ملموسة في مواجهة الأزمة الصحية.

يرى حزب النهضة الذي يستمد قوته من حجمه في البرلمان أن ما قام به سعي د هو “انقلاب على الثورة وعلى الدستور”. بينما يؤكد الرئيس التونسي أنه يطبق الدستور وخصوصا الفصل 80 منه الذي يخول الرئيس اتخاذ تدابير استثنائية “في حالة خطر داهم” ولكن دون أن يحدد طبيعتها.

عياض بن عاشور: سعيّد انقلب على الدستور

واعتبر أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور في تصريحات على راديو موزاييك التونسي، أمس الاثنين، 26 يوليوز 2021 أن اللجوء للفصل 80 من الدستور لا مبرر له لأنه يستوجب شروطا جوهرية وشكلية، وأنا أعتبره انقلابا على الدستور والدولة وخروج على القانون.

وتابع في هذا الإطار “لا يمكن لي أن أساند هذا الرأي أو أن أشاطره، وأقول أنه بداية استبداد وبداية انتصاب ديكتاتورية وقتية ربما تتبعها دكتاتورية دائمة..” 

يرى المحلل السياسي سليم الخراط أن “القرارت التي اتخذها سعيد غير دستورية” وأن “الفصل 80 يؤكد على أن يبقى البرلمان مفتوحا ولكنه فعل عكس ذلك”.

وفي تقدير رئيس تحرير موقع “المشكال” فاضل علي رزا “هناك تجميع للسلطات” بين أيدي الرئيس ولكن “يبقى أن نعرف ما اذا كان ذلك مؤقتا أم سيتواصل”.

يستمر تجميد أعمال البرلمان طوال ثلاثين يوما وللمحكمة الدستورية أن تقدر اثر ذلك استمرارية القرارات أو تعليقها. ولكن ومنذ إقرار دستور 2014 لم يتمكن البرلمان من انتخاب أعضاء المحكمة وذلك بسبب التجاذبات السياسية الحادة. ويؤكد الخراط أن “من المبكر القول أن ذلك يمثل ما يمكن تسميته صدمة كهربائية ايجابية وهناك خطر جدي من الانحراف نحو شكل من نظام استبدادي”.

دعم الجيش والإتحاد العام للشغل

يعتمد سعيد كما فعل منذ وصوله إلى الحكم على الجيش. كما دعم الاتحاد العام لتونسي للشغل (المركزية النقابية) قراراته ودعا إلى مواصلة المسار الديموقراطي الذي انطلق في العام 2011. ولم يفعل الرئيس التونسي قراراته بعد ولم يعين رئيسا للحكومة ولم يفصل خارطة الطريق للخروج من الأزمة الحالية.

ويوضح الخراط “يجب معرفة ما إذا شرع سعيد في مفاوضات أو أنه سيواصل باتخاذ قرارات من جانب واحد”.

ويؤكد المحلل في منظمة الأزمات الدولية، مايكل العياري “هناك هدف لإعادة ترميم فاعلية الدولة ولكن يجب ضمان إشراك عدد كبير من الفاعلين. … نحن في المجهول مع وجود خطر حدوث انحرافات قد تتخذ طابعا داميا”.

هاجم محتجون في عدد من مناطق البلاد مكاتب حزب النهضة، يوم الأحد، وأضرموا النيران فيها كما تواجه أنصار الحزب الاثنين مع أنصار سعيد وتبادلوا الرشق بالحجارة.

ويضيف علي رزا “حاولت النهضة تعبئة أنصارها وهم يدركون أن لا فائدة في الدفع نحو العنف لأن نتائج ذلك كانت في أكثر الأحيان عكسية”.

ونبه قيس سعيد في خطاب، الأحد الماضي، “الكثيرين الذين يحاولون اللجوء إلى السلاح … من يطلق رصاصة واحدة ستجابهه قواتنا المسلحة العسكرية والأمنية بوابل من الرصاص”. وانتخب قيس سعيد المستقل والذي لم يكن يملك خبرة رجل السياسية سنة 2019.