صحافة البحث

بوعياش تُراكم الانزلاقات الحقوقية بتقريرها حول محاكمتي الراضي والريسوني

- الإعلانات -

لا تكف التشكيلة الجديدة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش الرئيسة  ومنير  بنصالح  الأمين  العام، عن تبييض التجاوزات الحقوقية التي تراكمت  خلال  الخمس  السنوات الفائتة.  مرة  أخرى  تخرج  بوعياش  بتقرير مرتبك  عن  محاكمة  الصحافيين  عمر  الراضي  وسليمان الريسوني.  وخرجت  بخلاصات  لا  يمكن  أن  تُفهم  إلا  في سياق التراجعات  الحقوقية التي  تُغيّم  سماء  المملكة. 

تبدأ بوعياش تقريرها، أو خلاصاتها الأولية، حول محاكمة الصحافيين، الراضي  والريسوني،  بالإحالة  على  بنائين  أساسيين  وهما:  

“مكافحة  الاعتداء  والعنف  الجنسي،  بالنسبة  للمجتمع  والمواطنات والمواطنين،  لا سيما  ضد  الفئات  الهشة”  و”استحضارا  للإرادة  العليا لبلدنا من  أجل  العمل  على  توطيد  سيادة  القانون  وإصلاح  النظام  القضائي لضمان  ولوج  عادل  ومتساو  للعدالة  دون  تمييز”،  وبذلك  تقول بوعياش أنها لا تهتم  بشق  كبير  من  محاكمة  عمر  الراضي،  وليس  لها  أي  ملاحظة  أو صلاحية  للتدخل  في  متابعته  ومحاكمته  بتهمة  التجسس مع  دول  أجنبية،  من خلال  حصوله  على  منحة  من  مؤسسة  “بيرتا”  وكذلك  قيامه  بتقارير  خبرة لشركات  استشارة  في  ميدان  الاستثمار الاقتصادي.  واكتفى  تقرير  المجلس الوطني لحقوق الإنسان  بإدخال  هذه  القضية  في  خانة  “كم حاجة قضيناها  بتركها”. 

مجمل  خلاصات التقرير،  هي  عبارة  عن  ملاحظات،  كتبت  بشكل هاوٍِ،  لم تعد  حتى  الجمعيات  الحقوقية  تكتب  بها  تقاريرها  وملاحظاتها  لمجموعة  من القضايا  الاجتماعية  والحقوقية.

فعندما  يجعل  المجلس  من  مهامه  تسجيل  “الارتفاعات  المقلقة لحملات  الإساءة  والتشهير  والوصم  ضد  ضحايا  أشكال الاعتداء  والعنف  الجنسيين،  المحتملين  أو  الفعليين،  لاسيما  عندما  يكون  لمرتكب  أشكال  الاعتداء  والعنف المذكورة  وضع  خاص  في  المجتمع”،  دون  أن  يشير  إلى حملات  التشهير  التي  سبقت  اعتقال  الصحافيين،  ولا حتى  احتجاج  أزيد  من  110 صحافي.ة  مغربي.ة، من خلال بيان، على ممارسة  التشهير  والإساءة  من  داخل  مهنة  الصحافة، الذي جاء  تفاعلا  مع  حالتي  الراضي  والريسوني وتعرضهما  لسلسلة  من مقالات  سب  وشتم  وتشهير،  ليس انصافا  لأحد أطراف  هاتين  القضيتين،  وذلك  إن اعتبرنا  أن  المشتكية  والمشتكي  في  الملفين  قد  تعرضا فعلا  للإساءة  والتشهير  المنظمين؟  

أيضا،  خلص  المجلس  في  ذات  التقرير  أن  حالة  سليمان الريسوني  الصحية  جد  مطمئنة،  وذلك  بعد  عدة  زيارات للصحافيين  بلغت  عشر  زيارات،  وأحال  المجلس  هذه الخلاصة  على  تفعليه  للمادة  السادسة  من  القانون  المنظم للمجلس  الوطني  لحقوق  الإنسان،  والتي  تنص  على مضامين  لا  علاقة  لها  بالخلاصة  التي  ذكرت  بوعياش والتي  وضعت  فيها  خلاصة  طبية،  التي  يجب  أن  تقدم بشهادة  طبية يخطها طبيب، عوض أن تفعل مضامين المادة السادسة التي تنص على « النظر في حالات انتهاك حقوق الإنسان.. واتخاذ التدابير في موضوع هذا الانتهاك في أجل 90 يوما أو 60 يوما لو أثيرت حالة الاستعجال ».

لقد بقيت بوعياش في ملاحظاتها، المرتبكة، والتي تنتقل من موضوع لآخر بدون أي تنظيم منهجي، حبيسة مجموعة من الأمور الشكلية، التي أثيرت من قبل هيئتي دفاع كل من الراضي والريسوني، أساسا، في القضيتين الجنسيتين، من رفض المحكمة للاستماع إلى الشهود، والإحالة على اجتهاد قضائي لمحكمة النقض اعتمدته المحكمة من أجل التدليل على رفضها استدعاء الشهود. ولم تنتبه بوعياش أن شهودا استدعوا للمحكمة رغما أنه تم الاستماع إليهم في مرحلة التحقيق، بينما آخرون لم يتم استدعاءهم ولم يقدموا شهادتهم حتى أمام قاضي التحقيق في القضيتين معا. 

تقرير وخلاصات المجلس لم تكن، في واقع الحال، سوى أفكارا مسبقة تم التعبير عنها بشكل واضح وجلي في كثير من المناسبات، من قبل فريق، تتلمذ في مدرسة تخلت عن أخلاق التقدمية لصالح الوصولية،  يتماهى بشكل انضباطي مع الروايات الرسمية في مختلف القضايا الحقوقية منذ 2015. 

لقد أصبحت، منذ مدة، خلاصات وتقارير المجلس، التي يفترض فيها الموضوعية، تكتب بلغة ومراجع خاصة بالمجلس في حدود سنة 2019، وكأن إنتاج هذا المجلس بدأ منذ سنة شغل أمينة بوعياش لمنصب الرئاسة، فيما هناك تقارير وإنجازات مهمة في مجال انتهاكات حقوق الإنسان، لا من حيث المضمون أو المنهجية، يتم إغفالها أو مسحها من ذاكرة المجلس الوطني كالخبرة الطبية التي أجريت على معتقلي حراك الريف أو التقارير الموضوعاتية الكثيرة التي أنجزت سواء في نسخة المجلس الأولى “المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان” أو الولاية الماضية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.