صحافة البحث

المهدي بنبركة (1965-…): عندما ينضج الشعب سيتحدث عمَّا جرى

- الإعلانات -

ستةٌ وخمسون سنة، مرت، دون أن يكون للمهدي بنبركة لا قبرا ولا شهادا، ولا حقيقة ما جرى بعد اختطافه من «براسيري ليب» بباريس.

كتب المهدي بنبركة في تصدير لكتاب محمد الحبابي، الاتحادي والباحث في علم السياسة، «عندما يبدأ شعب ما في الحديث عن نفسه وعن ماضيه، فهذا يعني أنه راشد». كيف وحتى حقيقة مصير المهدي، وضعت بينها وبين نور النهار، مائة حجاب وحجاب. نعم يا المهدي، الاتحاديون هم أول من وضعوا حجبٌ لتأخير ظهور حقيقة اختطافك، كاملة، للرأي العام لما يزيد عن نصف قرن. الاتحادي عبد الواحد الراضي رفيقك في الحزب وقع اتفاقية قضائية، أيام كان وزيرا للعدل، مع فرنسا، سنة 2008، يستثني الجرائم السياسية، من التعاون القضائي بين البلدين، إذا كان من شأنه المس بسيادة البلد، وأمنه، ونظامه العام، أو أي مصالح أساسية أخرى.

لم نتحل بالشجاعة، بعد، للحديث عن ماضينا كاملا، أو بالأحرى، الدفاع عن حقنا في معرفة الماضي، وللأسف أن هذا النقاش يعتبر اليوم من نوافل الأمور. الأرشيف أو الذاكرة آخر ما يتم الحديث عنه كأن الكل، على رأسه الطير، يحاول الهروب إلى الأمام، دون أن يلتفت، ولو بُرهة، لمن سبقوه. أن ننصِف التاريخ ونخليه من دوائر الظلمات، علينا كشف الحقيقة. ولكن أيضا يقف الاتحاديون السابقون، أيضا، عثرةً، أمام هذه الحقيقة. فمن تناوبوا على تسيير هيئة الانصاف والمصالحة، ثم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وأخيرا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، هم سُلاَّن الحركة الاتحادية، أو من حركات النضال اليساري، لم يجرؤا على كشف حقيقة المهدي كاملة واتركوها ضمن الحالات «العالقة». عالقةٌ كشهادة على أننا شعبٌ لم ينضج بعد يا المهدي، ولم يُصبه حسابه بعد مع ماضيه ولم يقتل المظلم فيه، أو يقرر بوعي وبدون لف ولا دوران إدراجه ضمن خانة نسيان شعب، ولكن هل ينسى بوعي من لم ينضج؟

المجلس الوطني لحقوق الإنسان التزم منذ تأسيسه، في شكله الاستشاري، على كشف حقيقة الحالات العالقة بخصوص الاختفاء القسري، والذي يتقدمهم المهدي بن بركة، لكن لم يصدر إلى حدود الآن، أي تقرير يوضح حقيقة ما جرى للمهدي، في باريس، ومن هم المتواطئون في قضية اختفاءه القسري. حتى في صيغته الحالية التي أصبحت هيكلته شبيهة بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لم يصدر بعد تقرير حقيقة ما جرى للمهدي ولم يكشف أي معطيات جديدة غير تلك التي نشرت من قبل، والتي ترمي بكرة كشف الحقيقة لمساهمة السلطات العمومية.