بعد محاكمة جائرة، تم الحكم على الصحفي الاستقصائي المغربي عمر الراضي في 19 يوليوز 2021 بالسجن 6 سنوات بتهمة التجسس والاغتصاب. اتهامات دحضها الراضي. وصدر هذا الحكم بعد 356 يوما من السجن التعسفي.
خلال المحاكمة، التي بدأت في 6 أبريل 2021، كشف دفاع عمر عن الخروقات التي شابت تقرير الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء (BNPJ) وتقرير قاضي التحقيق.
خلال الجلسات الـ 13 للمحاكمة ، أجاب عمر ومحاموه عن الأسئلة التي وجهها القاضي ووكيل الملك و دفاع الطرف المدني.
من خلال متابعة المرافعات التي راجت خلال الجلسات ، ندرك مدى فراغ الملف وكيف أن الاتهامات غير مؤَسَّسَة.
تعرض عمر للمضايقات من قبل مسؤولي الدولة لعدة أشهر. وشابت محاكمته أمام المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء انتهاكات عديدة للضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة.
رفضت المحكمة دون مبرر سماع شهود النفي التي طالب الراضي الاستماع إليهم، ولم تسمح لمحامييه باستجواب شاهد الإدعاء الذي استمعت النيابة له.
وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن حكم المحكمة استند بالأساس على مجرد تكهنات.
رفضت المحكمة معاملة عمر على قدم المساواة مع خصومه حيث لم تمنح الأطراف المختلفة نفس الفرصة للدفاع عن أنفسهم، وبهذا تكون المحكمة قد انتهكت، بشكل مسبق، شرطًا أساسيًا لأي محاكمة عادلة بموجب القانون الدولي.
وهكذا قامت السلطات بما يلي:
– منع الراضي من الحصول على ملفه القضائي لمدة 10 أشهر.
– استبعاد شهادة شاهد نفي رئيسي على أساس “مشاركته في الاغتصاب” ، على الرغم من أن المدعية لم تتهم هذا الشاهد بأي شكل من الأشكال بالمشاركة في الاعتداء الذي تدعي أنها ضحيته، ولم يتم تقديم أي دليل ضده في المحكمة.
– كما حُرم محاموا الراضي من حق استجواب شاهد الإثبات.
– رفض شهادة شاهد الدفاع الرئيسي في قضية التجسس.
… هذه أدلة على جور المُحاكمة التي نندد بها.
يستند الحكم على منطق تخميني من قبل المحكمة. تستند العديد من حيثيات حكم إدانة الراضي على “نتائج” أو “استنتاجات” تخمينية وليست حقيقية.
قبل إلقاء القبض عليه في هذه القضية، ضايقت الشرطة وأجهزة الأمن الوطنية عمر الراضي لسنوات وبطرق عديدة. فقد سُجن لمدة ستة أيام نهاية عام 2019 بسبب تغريدة انتقد فيها القاضي الذي أصدر حكما قاسيا على نشطاء حراك الريف وحكم بعدها بأربعة أشهر موقوفة التنفيذ، وتمّ اختراق هاتفه ببرنامج تجسس لا يُباع إلا للحكومات، بالإضافة إلى تعرضه لحملة تشهير شرسة في مواقع قريبة من الأجهزة الأمنية المغربية.
تعرض عمر الراضي للمضايقة والتنصت عليه والتشهير به قبل اعتقاله وسجنه ظلماً ، لأنه أزعج السلطات.
نشر عمر الراضي، الصحفي الاستقصائي المعروف والحائز على جوائز والمدافع البارز عن حقوق الإنسان، مقالات عن استيلاء المضاربين على الأراضي الجماعية. وهو من كان وراء الكشف عن فضيحة “خدام الدولة”، والتي تورط فيها ما يقرب من مائة شخص، بمن فيهم كبار المسؤولين، الذين استحوذوا على أراضي عمومية مقابل تعويض يقل بكثير عن قيمتها الحقيقية في السوق.
اهتم عمر بالقضايا المتعلقة بالظلم والفساد والعلاقات بين السلطة والأعمال وحقوق الإنسان والحراكات الاجتماعية.
إن تحقيقات عمر الراضي و حضوره كناشط حقوقي في مختلف الحِراكات الاجتماعية قد جلبت عليه نقمة المخزن.
إن السجن التعسفي لابننا لمدة 506 أيام (لحد يوم 16 دجنبر2021)، يؤثر علينا بشدة ويظهر لنا مدى خطورة أن يتقمص صحافي وناشط حقوقي دور Robin Hood للكشف عن الحق و الحقيقة في مواجهة آلة قمعية وسلطوية.
لقد حاولنا، كوالدين لعمر، بكل طريقة ممكنة أن نفهم سبب تضييق الدولة عليه.
فبعد مراجعة تقرير الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وقراءة تعليل الحكم، وحضورنا لإحدى عشر جلسة استماع عامة، أدركنا أن القضية لم يتم الحكم فيها في المحكمة. كما هو الحال في العديد من قضايا الصحفيين المعارضين والصادقين الذين يقومون فقط بعملهم الصحافي التنويري.
ما مسنا بعمق هو حقيقة الحديث عن عمر منذ بداية القضية، بأنه مذنب مقدمًا، دون افتراض براءته.
إن المجلس الحكومي هو أول من تحدث عن عمر و قال عنه إنه جاسوس، وهذا كان ضوءً أخضر لإعلام التشهير وتوجيها للأمن و القضاء.
لم يحاول أي من هذه المواقع أو وسائل الإعلام مخاطبة الأسرة أو طلب توضيحات منها ما دام عمر لا يستطيع ذلك ، في حين تبين أن المشتكية كانت مفضلة، ولم تتوقف نفس هذه الصحافة الصفراء عن الترويج لروايتها، و اعتبارها “ضحية” حتى قبل استكمال التحقيق.
يُحتجز عمر في الجناح الأمني لعكاشة منذ 29 يوليوز 2021 دون استفادته من قرينة البراءة ولا حتى إمكانية متابعته في حالة سراح.
يمكن لعمر الراضي أن يخرج للفسحة لمدة ساعة في اليوم وحده، و مُنح مؤخرا ساعة للمطبخ.
يسمح لنا أن ندخل له الكتب والصحف والملابس والمال كل 15 يومًا.
يُعاني عمر من الربو ومرض كرون، وأدى سجنه في زنزانة ضيقة وانعدام الهواء والنظافة السليمة إلى تفاقم و تدهور حالته الصحية. يتابعه طبيب السجن ويتلقى رعاية طبية في مستشفى ابن رشد الجامعي بالدار البيضاء.
في 9 أبريل، بدأ عمر إضرابا عن الطعام استمر 22 يوما احتجاجا على سجنه التعسفي.
استؤنفت الزيارات منذ شهر أكتوبر 2021، و يسمح لنا بزيارته مرة واحدة كل 15 يومًا.
لقد وضعت إدارة السجون برنامجًا للسماح للسجناء بمواصلة دراستهم إذا رغبوا في ذلك، وهذا الحق لا يمنح لعمر. فالإدارة هي من تمنع عمر من مواصلة دراسته.
مؤخراً، تم ترشيحه للحصول على درجة الماجستير في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وحضر فريق من الأساتذة لإجراء مقابلة الامتحان الشفوي معه في السجن. بعد اللقاء قيل له أنه الشخص الذي يبحثون عنه. وفي النهاية، تم استبعاده بسبب موضوع كان يجب تدريسه حضوريا !
أخيرًا، و بوسائلنا الخاصة، تمكنا من تسجيله في درجة الماجستير خارج الدولة. ولاستكمال ملف التسجيل، كان من الضروري إضافة ملخص قصير لمشروع البحث الذي كتبه عمر. هذا الملخص لم يصل إلينا. حتى أننا اتصلنا بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان (CNDH) لمساعدتنا في استعادته، لكن دون جدوى.
معركتنا كعائلة هي من أجل حرية عمر وفي هذه الأثناء، نحن نناضل أيضًا من أجل أن يكون له الحق في مواصلة دراسته.
النقطة الأخيرة التي أود إثارتها هي أن عمر لم يعد يتلقى رسائل من أصدقائه ومن الأشخاص الذين عرفوه خلال هذه التجربة وهذا منذ 5 أشهر تقريبا.
نريد منهم أن يُسلموه هذه الرسائل، و أن يسمحوا له بالرد عليها.
نأمل أن تتم جلسات الاستئناف في جو محايد وأن تمنح المحكمة لعمر ولدفاعه الفرصة لإثبات عدم وجود أساس لحكم المحكمة الابتدائية.
أبعث لكم تحيات عمر وامتنانه لما تقومون به.
نحن متضامنون مع جميع القضايا العادلة.