- الإعلانات -
محاكمة الصحفي سليمان الريسوني استئنافيا بغرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالبيضاء وصلت مراحلها النهائية وسيتم النطق بالحكم في الساعات أو الأيام القليلة المقبلة على أقصى تقدير. ماهي أهم الأشياء التي يمكن استخلاصها من أطوار هاته المحاكمة السياسية للصحفي مستقل عن السلطة ؟ من خلال متابعتي لعدد من جلسات زميلي الصحفي الريسوني أقف عند ثلاث نقاط في هذه المحاكمة.
أولا، حضور سليمان الريسوني لمحاكمته هو انتصار في حد ذاته أمام من كان يحاول بشكل حثيث إلى ما لا يحمد عقباه. فالجلاد والسجان وعدد من الفعاليات المسماة زورا “حقوقية” تحالفت من أجل خلق أزمة إنسانية وصحية وقضائية وسياسية السنة الماضية خلال أطوار المحاكمة الابتدائية. الاضراب عن الطعام للصحفي الريسوني لأكثر من 120 يوم، تم تدبيره بشكل خطير ومنحط أخلاقيا وانسانيا كاد يودي بحياة سليمان. حيث عاينا مذهولين تعنت غريب من طرف عدد من مؤسسات الدولة في مواجهة صحفي أعزل ومضرب عن الطعام بين الحياة والموت. وان كان طوينا هذه الصفحة المؤلمة لكن لا يمكن أن ننسى الماضي القريب…
ونحن نعاين دخول سليمان القاعة 8 في كل جلسة لا يمكن الا أن نرفع القبعة لهذا الصحفي الشهم والمناضل وكافة الأطقم الطبية التي رافقته من أجل أن يعود للحياة. وهاهو اليوم يرفع ابتسامة أمام الظلم والطغيان. أنه أكبر عنوان لانتصار أمام رغبة الاذلال والانتقام التي هي المحرك الحقيقي للمتابعة الحالية. هذا هو الانتصار الأبرز لسليمان، انتصار للحياة والقضايا العادلة التي يحملها.
الملاحظة الثانية هي كون سليمان الريسوني انتصر للقضاء ودافع عن استقلاليته. هو المسلوب الحرية تعسفا و بدون مبرر واضح ، وهو المدان بخمس سنوات بدون دليل مقنع رافع خلال محاكمة استئنافية واعطاها مصداقية من خلال أجوبته ووضوحه. حضور سليمان كان فرصة من أجل أن يبسط ما جرى في شهر يونيو 2021 المشؤوم. وما رافقه من تعسف في حقه من خلال منعه العملي من الحضور لمحاكمته وتوفير أبسط الشروط لذلك. وسيظل غياب الريسوني عن محاكمته وجلسة نطق بالحكم في حقه من أبرز الانتهاكات التي عرفتها المحاكمة الابتدائية.
الملاحظة الثالثة نستخلصها من المرافعات المهمة لدفاع الريسوني وكل أطوار المحاكمة في الشكل والمضمون. نحن أمام محاكمة تشوبها نواقص. كيف يحاكم شخص وقرينة البراءة خرقت مرات عديدة من طرف اعلام التشهير؟ و كيف يحاكم شخص بدون استدعاء شهود الدفاع؟ وكيف يحاكم شخص بدون خبرات تقنية حقيقية تؤكد أو تنفي التهم الموجه للمتهم؟ بغض النظر عن استقلالية القضاء ومهنية القضاة الذين يقفون على الملف استئنافيا، نحن أمام شوائب تقنية ومنهجية تجعل أي حكم محط مسائلة.
في الأخير، انتظاراتنا من الحكم الاستئنافي ليست كبيرة. فسليمان حوكم ب5 سنوات بدون محاكمة وبدون حضوره. اليوم لعلنا نكتفي بالانتصار الرمزي للصحفي سليمان الريسوني من خلال حضوره ودفاعه عن نفس وصموده أمام رغبات الانتقام التي عبرت عنها أطراف متعددة تمثل الاستبداد وستقوي بالقضاء. أملنا في أن يطوى هذا الملف الذي يسيء للمغرب والمغاربة. وحل الملف معروف وهو لا يوجد في القاعة رقم 8.
*صحفي وعضو اللجنة المحلية بالدار البيضاء من أجل حرية عمر الراضي وسليمان الريسوني وكافة معتقلي الرأي وحرية التعبير