صحافة البحث

قبل عشر سنوات.. كيف زرع محمد مراح الرعب في فرنسا

- الإعلانات -

شهدت فرنسا في مارس 2012 سلسلة هجمات زرعت الرعب في جنوب غرب البلد، وأسفرت عن مقتل عسكري في 11 من الشهر وعسكريين آخرين في 15 وثلاثة أطفال وأستاذ في مدرسة يهودية في 19 منه، نفذها محمد مراح، وهو شاب جانح اعتنق الفكر المتطرف.

فهل كان تنظيم القاعدة يقف خلف هذه الاعتداءات؟ أم مجموعة من اليمين المتطرف؟ أو حتى قاتل تحرك بمفرده؟ استغرق الأمر عدة أيام لإقامة رابط بين الهجمات ومنفذها، إسلامي شاب اعتنق التطرف في السجن وأفلت من رادارات أجهزة مكافحة الإرهاب.

نشأ محمد مراح (23 عاما) في أجواء من العنف المنزلي، وتنقل بين عائلات استقبال وارتكب جنحا قبل أن يسافر إلى أفغانستان وباكستان وسوريا.

وفي 15 من الشهر ذاته، كان ثلاثة مظليين يسحبون مبلغا من المال أمام ثكنة عسكرية في مونتوبان على مسافة خمسين كيلومترا من تولوز، فأوقف مراح دراجته النارية واقترب منهم وأطلق النار عليهم، فقتل محمد لقواد (23 عاما)وعادل شنوف (26 عاما)، وأصيب لويك ليبر (28 عاما) المتحدر من غوادولوب بشلل رباعي.

تعاقب خبراء وصحافيون وشرطيون على شبكات التلفزيون عارضين فرضيات مختلفة.

وقال المؤرخ جاك توما في تصريحات صحافية: “من يكن نقمة لهؤلاء المظليين؟ في ذلك الوقت، وبما أن الجنود الذين قتلوا كانوا يتحدرون من المغرب العربي، تساءلنا إن لم تكن هذه جرائم عنصرية. لم يكن لدينا في تلك المرحلة عناصر تقود إلى الفرضية الإسلامية”.

قام مراح بقتل الطفلين ميريام مونسونيغو (7 سنوات) وغابريال ساندلر (3 سنوات) بإطلاق النار عليهما عن مسافة قريبة فيما كانا يحاولان الفرار منه في ملعب مدرسة أوزار هاتوراه اليهودية. وبعد لحظات، قضى أرييه ساندلر (6 سنوات) شقيق غابريال ووالدهما جوناثان ساندلر برصاص القاتل الذي كان يضع خوذة دراج ناري تخفي وجهه.

وتمت تعبئة مئات المحققين للتعرف على مطلق النار. وعند تقصي أجهزة الكمبيوتر التي نقرت على إعلان بن زياتن، وصلوا إلى كمبيوتر والدة محمد مراح.

عندها تركزت الشبهات حول شقيقه الأكبر عبد القادر مراح المقيم قرب تولوز. وكان الشاب المعروف بلقب “بن لادن” في حي إيزار حيث نشأ الشقيقان في تولوز، معروفا لدى أجهزة الأمن الداخلي بسبب انتمائه إلى التيار السلفي.

وفي ليل 20 إلى 21 مارس، نفذ الشرطيون عمليتين شبه متزامنتين، وإذ قبضوا على عبد القادر، واجهت وحدة النخبة في الشرطة مقاومة غير متوقعة في المنزل الذي كان محمد يتحصن بداخله في أحد أحياء المدينة السكنية، إذ فتح النار عليهم من خلال الباب، ما أرغمهم على الانكفاء.

باشر مفاوضون من الشرطة التحاور مع الشاب الذي تبنى الاعتداءات الثلاثة باسم تنظيم القاعدة. واستمر الحصار ثلاثين ساعة إلى حين شنت الشرطة هجوما قتل خلاله.

وحكم على عبد القادر الذي اعتبر “مرشدا” لشقيقه، بالسجن ثلاثين عاما بتهمة “التواطؤ في القتل”، إذ أدانه القضاء بأنه “قدم مساعدة عن سابق معرفة في الإعداد للجرائم التي ارتكبها محمد مراح”.

وابدت لطيفة بن زياتن والدة أول جندي قتل، أسفها لعدم القبض عليه حيا لمحاكمته. وهي أصيبت بصدمة حين قال لها بعد شهر على الاعتداءات شباب من حي إزار “محمد مراح شهيد، إنه بطل الإسلام”.

وهي أسست جمعية “عماد” من أجل الشباب والسلام، حاملة رسالة ضد التزم ت. وتبدي “قلقها” إذ تلاحظ أن “الشباب منقسمون ويعانون كثيرا. ألتقي الكثير من الشبان الذين فقدوا الأمل. هناك دائما كراهية، لسنا بمأمن”.

وأصدر تلميذ سابق من المدرسة اليهودية جوناثان شيتريت كتابا بعنوان “تولوز، 19 مارس 2012″، يورد فيه شهادات مؤثرة أدلى بها ناجون آخرون في محاكمة عبد القادر مراح. وهو ينتقد “تغطية إعلامية تركز على شخصية القاتل وعائلته” بدل التركيز على ضحاياه عند حصول الوقائع.

وتقام مراسم تكريم في 20 مارس في تولوز بحضور أقرباء الضحايا وسياسيين ومسؤولين دينيين.