صحافة البحث

صيدلية الأفكار (10).. Le client est roi

- الإعلانات -

“الزبون ملك”، جملة يرددها الزبناء وكذا المستخدمين في أكثر من مناسبة. لم الزبون ملك و ليس مواطن ؟ و ما سياق ابتكار جملة سحرية مثل هته؟ كيف خلق نظام السوق الرأسمالي هته الجملة – الشعار وما معلناتها و مضمراتها  ؟

الرأسمالية لها أرواح ، يكثفها عالم الاجتماع “لوك بولتانسكي” في ثلاث:

  • الروح الأولى هي روح مؤسسي الرأسمالية العصرية، و التي ارتكزت على نموذج البرجوازي المقاول المخاطر و الماهر في حسابات الربح  و المقتصد في النفقات والطامع دائما في المزيد . لقد شكل نموذج البرجوازي هذا الفاعل المحرك للتقدم الاجتماعي و الاقتصادي ، نظرا لدوره التحريري مقارنة بفاعلي المجتمعات التقليدية، و كذا دوره المحافظ على النظام البرجوازي مقارنة مع الفاعلين الطامحين لتجاوزه .
  • الروح الثانية تغطي المرحلة الممتدة من 1930 إلى 1960م . سيتم الانتقال خلال هته المرحلة من نموذج و صورة البرجوازي بمقاولاته العائلية وغير الكبيرة، إلى المقاولات الكبرى المنظمة بتراتبية و عقلانية  والخاضعة لمدير مسير ، مهمته الأساسية  هي تنمية رأسمال المقاولة و توسيع مجالات وجغرافية حضورها. يتعلق الأمر هنا بصورة المدير الرئيس المسير البطل الذي يعتمد في خلق بطولته على معيار كفاءاته وكفاءات مستخدميه التي يؤشر عليها واقع تنامي كبر المقاولة.
  • الروح الثالثة  وهي التي تغطي فترة ما بعد ثمانينيات القرن الماضي، والتي أعلنت عن هويتها في صيغة رأسمالية  عالمية ومعولمة  مسنودة بالتكنولوجيات الجديدة. يتعلق الأمر هته المرة باقتصاد الفضاءات الكبرىéconomie de grandeur يرتكز في منطق اشتغاله على المفاهيم المبتكرة في مجال التكنولوجيات الجديدة من مثل مفهوم الشبكة le réseau  ومفهوم الربط أو الوصل الرقمي connection  والمشاريع والاختبارات

مع الروح الثالثة أو الروح الجديدة، ستتغير المرجعيات. فبدء من تسعينيات القرن الماضي سترسم ملامح المقاولة عبر الشبكات والتي  ستعلن نهاية المقاولة الوظيفية، و كذا نهاية تنظيمها الوظيفي وتراتباتها  الكنسية  التي ظلت تميز المدينة الصناعية. ستظهر مقاولات الشبكة أكثر قوة وفاعلية في وجه الصعوبات المزدوجة للمنافسة. لذا ستنظم المقاولة الجديدة ذاتها في شكل شبكة ، أي مجموعة من العلاقات  المترابطة بين نقط مرسومة و محددة ، و التي تتسم بالدوام و القدرة على التكيف و التعديل و التصويب . كل مقاولة عليها كي تتطور أن تطور شبكتها ، و من ثم منطقها المتصل رقميا و شبكيا كي تحل محل التنظيم بالوظيفة الذي ساد سابقا ، و تغذي في الآن نفسه المرونة fléxibilité و الابتكار innovation  .تعتبر استعارة الشبكة résau جوهر الروح الجديدة للرأسمالية. إنها الآلية التي ستحرك وتجمع وتوحد وتخضع ليس فقط المقاولات و لكن أيضا كل ما يحيط بهته المقاولة. فإذا ما كان النقد الموجه للمدينة الصناعية وتنظيماتها يستهدف فعل الاستيلاب و الاغتراب الذي تولده  سيرورات  الإنتاج الصناعي، و كذا السلطة الثقيلة للتراتبات وللمراقبات التي يمارسها النظام على عماله، فإن مقاولة الشبكة ، ضمن الروح الجديدة للرأسمالية ، ستحول مجرى المشكلة باتجاه آخر . وحده الزبون هو الملك والمالك والآمر، و إذا ما كان الأمر كذلك فإن الأطر والمسؤولين  يتحولون إلى منشطين  animateurs للمشروع، أو مدربين coachs  ماهرين  ومتمكنين من كفايات التواصل وديناميات الجماعة. اعتماد مرجعية الزبون واضحة جدا في توجيه المقاولة نحو الربح وذلك عبر تحويل الموطن الأصلي للمراقبة من جهة واختيار منحى الزبون عوض التراتبية  الإدارية. يتعلق الأمر في النهاية  بمحو لمقولة صراع الطبقات. التي ظلت تحرك صراعات المجتمع الصناعي، و عرض لنموذج المقاولة المتحررة entreprise  libéré  التي تشتغل على أساس أن الكل متساو. لا تراتب و لا تفاضل بين المالك والمستخدم. فالكل رعايا الزبون الملك، و بحكم ذلك لا موطن للصراع ولا حاجة للنقابة ولا مبرر للمطالب. هي إيديولوجيا الروح الجديدة للرأسمالية في صيغتها المعولمة .