في دراسة ميدانية مطولة، استهدف عالم الاجتماع المغربي المختص في الشأن القروي محمد مهدي، رفقة فريق من الباحثين، تشكل وحضور فئة الأثرياء الجدد هته ضمن منطقة “هضبة سايس”.و بما أن هذا المقام لا يسمح بعرض موسع لمنطلقات و فرضيات وطريقة جمع المعلومات وعرض جميع الخلاصات المحصل عليها ، فسنكتفي بعرض سحنات الملاكين العقاريين الجدد الذين تخرجوا من “معاهد” المخطط الاخضر و الجيل الأخضر.
لأثرياء الجدد أو القرويون الجدد أو الفلاحون الحضريون، كما تنعتهم الدراسة، هم :
– فلاحون حضريون يقطنون بالمدن. لقد ميز الإحصاء الفلاحي لسنة 1996م بين أصحاب الاستغلاليات الفلاحية القاطنين بالقرى والقاطنين بالمدن أو بالخارج. وقد حدد الإحصاء عدد الفلاحين الحضريين في 126 612 فلاحا حضريا، أي ما يشكل 8 فاصلة 5 في المائة من مجموع الاستغلاليات الفلاحية بالمغرب. رقم يؤشر على قيمة طبيعة الظاهرة الجديدة المتولدة بالمغرب. في هضبة سايس توصلت الدراسة إلى أن عدد الملاكين العقاريين النيو –قرويين يشغل نسبة 37 في المائة من مجموع الاستغلاليات. وهي نسبة تتجاوز بثلاث مرات النسبة الوطنية. وتدق ناقوس تشكل طبقة الملاكين العقاريين الجدد على حساب تشكل طبقة وسطى قروية.
-إنهم مستثمرون مالكون للأراضي. يشكل هدف امتلاكهم للأراضي، وليس فقط اكتراؤها، همهم الأساسي، لأنه يضمن لاسثماراتهم نوعا من الاستقرار. فضمن منطقة الدراسة يوجد 650 فلاحا حضريا، 192 منهم من أعلن عن مساحة ملكيته العقارية. وقد بلغت مساحات ضيعات هؤلاء 7141 هكتارا، ما يعادل 13 في المائة من مجمل المساحة العامة بالمنطقة. رقم يبرز حجم توسع الملاكين العقاريين الجدد.
– إنهم فلاحون حضريون متعددو الأنشطة. فهم يمارسون إلى جانب النشاط الفلاحي مهنا أخرى (التجارة، الإدارة ، مقاولات البناء ، الصيدلة، الهندسة، مهن حرة..). مهن تنتمي في جلها إلى الفئة العليا من الطبقة المتوسطة. مؤشر يبرز فعل الانحراف الذي أصاب عملية خلق طبقة متوسطة، عبر رفع فئتها العليا إلى مصاف الملاكين العقاريين الجدد ودفع فئتها الوسطى وكذا فئتها السفلى نحو الفقر. يتعلق الأمر بتمزيق نسيج الطبقة الوسطى الحضرية والقروية، و من ثم إبطال فعلها المجتمعي.
– إنهم فلاحون حضريون متعلمون و أصحاب ضيعات فلاحية عصرية مخصصة للتصدير . أمر جعلهم المخاطب الرئيسي للسياسات العمومية القروية و المستفيد الأول من أنماط الدعم الوطنية و الأجنبية. مؤشر يؤكد أن الضيعات الكبرى العصرية شكلت النموذج المثالي الذي انبنت عليه سياسة واستراتيجية مخطط المغرب الأخضر و الجيل الأخضر .
-إنهم ملاكون عقاريون قرويون جدد موسومون بالتغيب عن ضيعاتهم و عدم تملكهم لخبرة فلاحية. تفرض عليهم مهنهم بالمدن الحضور المتقطع للقرية، مثلما يفرض عليهم هذا الوضع نوعا من الاختفاء والالتباس الاجتماعي. إنهم لا يرغبون في الظهور كملاكين عقاريين جدد متعددي الأنشطة. مؤشر برز في عدم رغبة الكل التصريح بمساحة ملكيته، و يبرز نوعا من الإلتباس الحاصل في صلات الثروة بالسلطة بالمغرب.
من بين خلاصات الدراسة الميدانية، كون الأثرياء الجدد، خريجو مخطط المغرب الأخضر و الجيل الأخضر، لا تجمعهم أفكار وتصورات تهم استراتيجيات تنمية العالم القروي، بل فقط هاجس الربح ومراكمة الرأسمال. إنهم الملاكون العقاريون الجدد الذين يحملون بالقوة كل النزوعات لبيع الوطن إن كان الوطن يضمن لهن فائض قيمة ربحية جديدة.